للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال صاحب ((الانتصاف)): الحق أن التحسين والتقبيح باطلان، فلا حاجة إلى هذا التعليل.

وقال صاحب ((الفرائد)): لو كان الوعد والوفاء على قضية العقل لقيل: ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا جرياً على قضية العقل، فلما ورد السمع بأن الاستغفار لا يجوز للكافر، ترك الاستغفار وتبرأ منه، ويمكن أن يقال: وعده الاستغفار بشرط التوبة، ولم يعلم بأنه ممن لا يؤمن البتة، فوفى بالوعد وقال: (واغْفِرْ لأَبِي إنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء: ٨٦]، كأنه قال: أخرجه من الضلال واغفر له، (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ) [التوبة: ١١٤] أي: ممن لا يؤمن، ترك الدعاء وتبرأ منه.

قال الإمام: الآية تدل على أنه لا يجوز لنا التأسي به في ذلك، والمنع من التأسي به في ذلك لا يدل على أن ذلك كان معصيةً، فإن كثيراً من خواص النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لنا التأسي بها مع أنها كانت مباحةً له.

وزاد صاحب ((التقريب)) على هذا بأن قال: نفي اللازم ممنوعٌ أيضاً، فإن استثناءه عما وجبت فيه الأسوة إنما يدل على أنه غير واجب، لا على أنه غير جائزٍ ومنكر، وكان ينبغي له أن يقول- بدل قوله: ومستثنىً عما وجبت فيه الأسوة-: مستثنىً عما جازت فيه الأسوة لقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ … ) [الممتحنة: ٦] الآية، ولا دلالة فيه على الوجوب.

وقلت- واعلم عند الله-: كلام صاحب ((الفرائد)): وعده الاستغفار بشرط التوبة ولم يعلم بأنه ممن لا يؤمن، إلى آخره، حسنٌ، لكن مع زيادةٍ يسيرة، والنظم يساعد عليه. وبيانه: أنه عليه السلام لما أجاب عن قول أبيه: (لأَرْجُمَنَّكَ واهْجُرْنِي مَلِيًا) بقوله: (سَأَسْتَغْفِر

<<  <  ج: ص:  >  >>