وثلج لصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يلقى من مثل ذلك من كفار قومه (لَأَرْجُمَنَّكَ) لأرمينك بلساني؛ يريد الشتم والذمّ، ومنه:"الرَّجِيمِ" المرمىّ باللعن. أو: لأقتُلنَّك، من رجم الزاني. أو: لأطردنك رميا بالحجارة. وأصل الرجم: الرمي بالرجام (مَلِيًّا) زمانا طويلاً، من الملاوة. أو: مليا بالذهاب عنى والهجران قبل أن أثخنك بالضرب، حتى لا تقدر أن تبرح. يقال: فلان ملىّ بكذا، إذا كان مطيقا له مضطلعا به. فإن قلت: علام عطف (وَاهْجُرْنِي)؟ قلت: على معطوف عليه محذوف يدل عليه (لَأَرْجُمَنَّكَ) أى فاحذرنى واهجرني، لأن (لَأَرْجُمَنَّكَ) تهديد وتقريع.
قوله:(من الملاوة). الجوهري: أقمت عنده ملاوةً من الدهر، أي: حيناً وبرهة، وعلى هذا (مَلِيًا): ظرفٌ، وعلى الوجه الثاني: حالٌ من الفاعل.
قوله:(أثخنك بالضرب). الأساس: أثخن في الأمر: بالغ فيه.
قوله:((لأن (لأَرْجُمَنَّكَ) تهديدٌ وتقريع)، تعليلٌ لدلالة (لأَرْجُمَنَّكَ) على ((فاحذرني))، ولا يصلح المذكور أن يكون معطوفاً عليه؛ لأنه جواب القسم، ولا يصلح هذا أن يكون جواباً له، فيقدر ما يكون مسبباً عما تقدم، فيعطف عليه، على منوال قوله تعالى:(ولَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ عِلْمًا وقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ)[النمل: ١٥].