خاطب أباه تلك المخاطبات. والمرادُ بذكر الرسول إياه وقصته في الكتاب: أن يتلُو ذلك على الناس ويبلغه إياهم، كقوله:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ)[الشعراء: ٦٩]، وإلا فالله عز وجل هو ذاكرُه ومُوردُه في تنزيله. التاء في (يا أَبَتِ): عوضٌ من ياء الإضافة، ولا يقال "يا أبتى"؛ لئلا يُجمع بين العوض والمعوض منه. وقيل:"يا أبتا"، لكون الألف بدلا من الياء، وشبه ذلك سيبويه بأينق، وتعويض الياء فيه عن الواو الساقطة.
انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والارتكاب الشنيع
قوله:(وإلا فالله هو ذاكره ومورده في تنزيله) إشارةٌ إلى أن أصل الكلام: إنا قد أوردنا في التنزيل قصة إبراهيم، وذكرناها فيه، فاتلها أنت على الناس وبلغها إياهم، كقوله:(واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبْرَاهِيمَ)[الشعراء: ٦٩]. ولما كان رسول الله صلى الله ليه وسلم خليفة الله في أرضه والناطق عنه بأوامره ونواهيه مع عباده، جعله ذاكراً ومورداً في القرآن قصص الأنبياء عليهم السلام.
قوله:(وقل: ((يا أبتا)) لكون الألف بدلاً من الياء)، يريد:((يا أبتي)) غير جائزٍ لاجتماع العوض والمعوض عنه صريحاً، وهما الياء والتاء، بخلاف:((يا أبتا))؛ لأن الألف بدلٌ من الياء، كما أن التاء بدلٌ منها، فلا يكون في الصراحة مثل الياء، ولكن قل استعماله للعود إليه، ولا يبعد اجتماع عوضين عن معوضٍ واحد، فإن صاحب الجبيرة يجب عليه التيمم والمسح، وهما عوضان عن الغسل.
قوله:(بأينقٍ)، قد جمعت ((الناقة)) في القلة على ((أنوق))، ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها، وقالوا:((أونق))، ثم عوضوا من الواو ياءً، فقالوا:((أينقٌ))، ثم جمعوها على ((أيانق)).
قوله:(أن ينصح أباه ويعظه فيما كان) تنازع ((ينصح)) و ((يعظه)) في الظرف، و ((من الخطأ)) بيان ((ما))، ويجب أن يقدر في ((وانسلخ عن قضية التمييز)): ((فيه))؛ لأن الجملة معطوفةٌ على صلة الموصول ولابد من الراجع.
قوله:(متورطاً فيه). الجوهري: أورطه وورطه توريطاً: إذا أوقعه في الورطة، وهي: الهلاك، فتورط هو فيها.