الحسرة)، أو منصوبٌ بالحسرة (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) متعلِّق بقوله: (في ضلال مبين) عن الحسن. و (أنذرهم): اعتراض. أو هو متعلق بـ (أنذرهم)، أى: وأنذرهم على هذه الحال غافلين غير مؤمنين. يحتمل أنه يميتهم ويخرب ديارهم، وأنه يفنى أجسادهم ويفنى الأرض ويذهب بها.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً* يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَاتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا* يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا* يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا)[مريم: ٤١ - ٤٥].
الصدّيق: من أبنية المبالغة. ونظيره: الضِّحيك والنطيق، والمراد: فرط صدقه وكثرة ما صدّق به من غيوب الله وآياته وكتبه ورسله، وكأنَّ الرُّجحان والغلبة في
قوله:(أي: وأنذرهم على هذه الحال) هذا التفسير غير ملائم لقوله تعالى: (إنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا)[النازعات: ٤٥] والوجه أن يتعلق بقوله: (فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) لأن قوله: (وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) نفي الإيمان منهم على سبيل الدوام مع الاستمرار في الأزمنة الماضية والآتية على التأكيد والمبالغة.
قوله:(وأنه يفني أجسادهم) أي: يحتمل (إنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ) أن يراد به الوراثة الخاصة، وأن يراد العامة، فالتعريف في الأرض على الأول للعهد، ولذلك قال:((تخرب ديارهم))، وعلى الثاني للجنس، وهو المراد بقوله:((ويفني الأرض ويذهب بها)). والثاني هو الراجح لوجهين: أحدهما: أن الكلام من قوله: (مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) في شأن القيامة. وثانيهما: أن فيه معنى (لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ)[غافر: ١٦].
قوله:(وكثرة ما صدق به) الراغب: الصديق: من كثر الصدق منه. وقيل: بل من لم يكذب قط. وقيل: بل من لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق. وقيل: بل من صدق بقوله