للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ)].

(لَواقِحَ) فيه قولان، أحدهما: أنّ الريح لا قح إذا جاءت بخير، من إنشاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهو أقوى مما لو قيل: نحن قادرون على إيجاده وتكوينه، فيكون موقع قوله: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ) الآية كالتذييل للكلام السابق، إذا فُسر قوله: (مَوْزُونٍ) بأن كل شيء وُزن بميزان الحكمة، وقُدر بمقدار يقتضيه. وكالتكميل إذا فُسر بغير ذلك، قال القاضي: وفذلكة الآية الاستدلال بجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين مختلفة الأجزاء في الوضع، محدثة فيها أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقةً وطبيعة، مع جواز أن لا يكون كذلك، على كمال قدرته وتناهي حكمته، والتفرد في ألوهيته، والامتنان على العباد بما أنعم عليهم في ذلك، ثُم ضرب الخزائن مثلاً لاقتداره.

قوله: (أن الريح لاقح إذا جاءت بخير)، الجوهري: الأصل فيه ملقحة، ولكنها لا تُلقحُ إلا وهي في نفسها لاقحٌ، كأن الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السحاب وفيها خير وصل ذلك إليه، وقال ابن جني: قالوا: ألقحت الريح السحاب وهي لاقح، هذا على حذف همزة أفعل، وإنما قياسه ملقح، كأنه خرج بحذف الزيادة تقديراً، وإن لم يخرج إلى اللفظ استعمالاً، كما قالوا: أبقل المكان فهو باقِل، وقال أيضاً: هو من باب الاكتفاء بذكر السبب عن المسبب، فإنها إذا لقحت ألقحت غيرها.

وقلتُ: لا يبعد أن يكون مجازاً باعتبار ما كان، فيكون الريح أولاً لاقحة ثم تصير ملقحة، فقيل: لاقحة وأريد ملقحة، كقوله: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ) [النساء: ٣]. قال أبو البقاء:

<<  <  ج: ص:  >  >>