قيل: وجعلنا لكم فيها معايش، وجعلنا لكم من لستم له برازقين، أو: وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين. وأراد بهم العيال والمماليك والخدم الذين يحسبون أنهم يرزقونهم ويخطئون، فإنّ الله هو الرزاق، يرزقهم وإياهم، ويدخل فيه الأنعام والدواب وكل ما بتلك المثابة، مما الله رازقه، وقد سبق إلى ظنهم أنهم هم الرازقون. ولا يجوز أن يكون مجرورا عطفاً على الضمير المجرور في (لَكُمْ) لأنه لا يعطف على الضمير المجرور.
ذكر الخزائن تمثيل. والمعنى: وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والإنعام به، وما نعطيه إلا بمقدار معلوم نعلم أنه مصلحة له، فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور.
وقال صاحب "التخمير": قول النحويين: المفعول هو المجرور مع الجار سهوٌ، ألا ترى كيف أن الباء في: خرجت بزيد، بمنزلة الهمزة، وتثقيل الحشو في أخرجت وخرجت، فكما أنهما ليسا جزءاً من المفعول وإنما هما جزء من الفعل كذلك هاهنا، ولأن هذا الفعل المتعدي بحرف الجرن يُجعل مبنياً للمفعول، ولو لم يكن الجار جزءاً من الفعل لما جاز بناؤه للمفعول؛ لأن الفعل اللازم لا يُجعل مبنياً للمفعول، ولأن الجار هاهنا قد يُعدى به الفعل، فصار معه بمنزلة الفعل المتعدين وشيء من الفعل المتعدي لا يكون جزءاً من المفعول.
قوله:(ويخطئون) جملة معترضة، أو: حال بحذف المبتدأ.
قوله:(فضرب الخزائن مثلاً لاقتداره على كل مقدور) يعني: أن أصل الكلام: ما من شيء ينتفعً به العبادُ إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه، فشبه اقتداره على كل شيء وإيجاده بالخزائن المودعة فيها الأشياء المهيأة المعدة، ليؤذن أن مقدوره كأنه حاصل موجودٌ،