مَنِ (اسْتَرَقَ) في محل النصب على الاستثناء. وعن ابن عباس: أنهم كانوا لا يحجبون عن السموات، فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات، فلما ولد محمد منعوا من السموات كلها (شِهابٌ مُبِينٌ) ظاهر للمبصرين (مَوْزُونٍ) وزن بميزان الحكمة، وقدّر بمقدار تقتضيه، لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان، أو له وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة. وقيل: ما يوزن من نحو الذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها مَعايِشَ بياء صريحة، بخلاف الشمائل والخبائث ونحوهما، فإن تصريح الياء فيها خطأ، والصواب الهمزة، أو إخراج الياء بين. وقد قرئ: معايش، بالهمزة على التشبيه (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) عطف على (مَعيَشَ)، أو على محل (لَكُمْ)، كأنه
قوله:((مَنْ اسْتَرَقَ): في محل النصب على الاستثناء)، قال أبو البقاء: هو استثناء منقطع، ويجوز أن يكون مجروراً على البدل، أي: إلا من استرق، والمبدل (كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ)، والتقدير: لا يدخلها شيطان إلا من استرق، لدلالة "حفظناها" عليه، وقيل: فيه نظر؛ لأنه في كلام موجب، وأجيب: أن قوله: (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) في معنى النفي، كقوله تعالى:(فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ)[البقرة: ٢٤٩].
قوله:(أو على محل (لَكُمْ)) وهو النصب؛ لأنه مفعول به، كأنه قيل: جعلنا لم معايش ولمن لستم، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، إذ العطف على محل (لَكُمْ) لا يقتضي إعادة اللام، بل كونُ (وَمَنْ لَسْتُمْ) منصوباً، فلعله على تقدير الجار تصحيحاً للمعنى، ثم نزعه.