(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) أي: مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم (وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ) لا يخلو: إمّا أن يكون مضافاً إلى الفاعل كالأوّل، على معنى: ومكتوب عند الله مكرهم، فهو مجازيهم عليه بمكر هو أعظم منه، أو يكون مضافاً إلى المفعول على معنى:(وعند الله مكرهم) الذي يمكرهم به، وهو عذابهم الذي يستحقونه يأتيهم به من حيث لا يشعرون ولا يحتسبون (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وإن عظم مكرهم وتبالغ في الشدة، فضرب زوال الجبال منه مثلا لتفاقمه وشدته، أي: وإن كان مكرهم مسوى لإزالة الجبال. معداً لذلك.
وقد جعلت "إن" نافيةً واللام مؤكدة لها، كقوله تعالى:(وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ)[البقرة: ١٤٣]، والمعنى: ومحال أن تزول الجبال بمكرهم، على أنّ الجبال مثل لآيات الله وشرائعه، لأنها بمنزلة الجبال الراسية ثباتاً وتمكناً. وتنصره قراءة ابن مسعود:"وما كان مكرهم".
وقرئ:"لتزول" بلام الابتداء، على:(وإن كان مكرهم) من الشدّة بحيث تزول منه الجبال ونتقلع من أماكنها. وقرأ علي وعمر رضي الله عنهما:"وإن كاد مكرهم".
قوله:(مكرهم العظيم)، إنما عظمه للإضافة، وهذا إنما يصار إليه إذا علم شدة شكيمة من أضيف إليه، وتماديهم في الطغيان، كأنه قيل: فما ظنك بمكر مباشره مثل صناديد قريش.
قوله: (وقرئ: "لتزول" بلام الابتداء)، قال الزجاج:"قرئ: "لتزول" على الرفع وفتح اللام الأولى، المعنى: وعند الله مكرهم، وإن كان يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن