فإن قلت: هلا قيل: مخلف رسله وعده؟ ولم قدم المفعول الثاني على الأوّل؟ قلت: قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً، كقوله:(إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ)[آل عمران: ٩]، ثم قال:(رُسُلَهُ) ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحداً، وليس من شأنه إخلاف المواعيد، كيف يخلفه رسله الذين هم خيرته وصفوته؟ وقرئ:"مخلف وعده رسله" بجرّ "الرسل" ونصب "الوعد". وهذه في الضعف كمن قرأ «قتل أولادهم شركائهم»[الأنعام: ١٣٧]. (عَزِيزٌ) غالب لا يماكر (ذُو انتِقامٍ) لأوليائه من أعدائه.
الله ينصر دينه". وعلى هذا: "إن" مخففة من الثقيلة، وعلى الأول: شرطية.
وقدر "مسوى" لتعلق به اللام، لأنه خبر لـ "كان"، وهو من الشرط الذي يعقب به الكلام مبالغة.
قوله:(يعني: قوله: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا))، يعني: المراد بـ "الوعد" قوله هذا في غير هذا الموضع.
وقلت: ويمكن أن يحمل "الوعد" على قوله: (وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ)، لأنه إيماء إلى النصرة، يدل عليه قوله: "فهو مجازيهم عليه بمكر هو أعظم منه"، وقوله: "وهو عذابهم".
قوله:(قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً)، قال في "الانتصاف": "وفيه نظر، لأن الفعل إذا تقيد بمفعول انقطع إطلاقه، فليس تقديم الوعد دالاً على إطلاق الفعل حتى يكون ذكر "الرسل" ثانياً كالأجنبي، فلا فرق بين تقديم الوعد وتأخيره، بل فيه الإيذان