(يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي: يثبت، وهو مستعارٌ من قيام القائم على الرجل، والدليل عليه قولهم: قامت الحرب على ساقها. ونحوه قولهم: ترجلت الشمس: إذا أشرقت وثبت ضوؤها، كأنها قامت على رجل. ويجوز أن يسند إلى الحساب قيام أهله إسناداً مجازياً، أو يكون مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)[يوسف: ٨٢]. وعن مجاهد: قد استجاب الله له فيما سأل، فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته، وجعل البلد آمنا، ورزق أهله من الثمرات، .........
نهانا أن نأتسي به في هذا الاستغفار، ولو كان مشروطاً بالإسلام لكان مأموراً بالاتباع، فضلاً عن أن يكون منهياً عنه، وقد استقصينا الكلام عليه في "مريم"؛ رداً على المصنف.
قوله:(وهو مستعار من قيام القائم)، أي: القيام مستعار للثبات، شبه (الْحِسَابُ) في الوقوع والثبوت بإنسان إذا كان على أقوى حاله، وهو القائم، ثم خيل له ما يلازم الإنسان في هذه الحالة، وهو القيام، ثم شبه هذا المتخيل بمثله من المحقق، ثم أطلق المحقق على ذلك المتخيل، فهي استعارة مكنية مستلزمة للتخييلية.
قوله:(وعن مجاهد: قد استجاب الله له)، بيان لربط الآيات من ابتداء دعوة إبراهيم عليه السلام، فقوله:"فمل يعبد أحد من ولده صنماً بعد دعوته": مبني على ما سبق من جواب ابن عيينة: "ما عبد أحد من ولد إسماعيل صنماً، وإنما كانت أنصاب حجارة"، وفي قوله:"وجعل في ذريته من يقيم الصلاة": إشارة إلى أن "من" في (مِن ذُرِّيَّتِي) للتبعيض، وقوله:"وأراه مناسكه وتاب عليه": إشارة إلى ما في البقرة: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا)[البقرة: ١٢٨].
وقول ابن عباس: إما من تتمة كلام مجاهد، أو أنه لما لم يذكره جاء به ليستوعب جميع ما اشتملت عليه الآيات من المعاني.