للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ* رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ)].

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) وبعض ذرّيتي، عطفاً على المنصوب في (اجعلني)، وإنما بعض لأنه علم بإعلام الله أنه يكون في ذرّيته كفار، وذلك قوله: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة: ١٢٤].

(وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) أي: عبادتي؛ (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) [مريم: ٤٨].

يعني: أباه، وقرأ الحسن بن علي رضي الله عنهما: "ولولدي" يعني: إسماعيل وإسحاق. وقرئ: "لولدي" بضم الواو، والوُلُد بمعنى: الوَلَد، كالعدم والعدم. وقيل: جمع ولد، كـ"أُسدٍ" في: أسد. وفي بعض المصاحف: "ولذريتي".

فإن قلت: كيف جاز له أن يستغفر لبويه وكانا كافرين؟ قلت: هو من مجوزات العقل، لا يعلم امتناع جوازه إلا بالتوقيف. وقيل: أراد بوالديه آدم وحواء. وقيل: بشرط الإسلام، ويأباه قوله: (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) [الممتحنة: ٤]؛ لأنه لو شرط الإسلام لكان استغفاراً صحيحاً لا مقال فيه، فكيف يُستنى الاستغفار الصحيح من جُملة ما يؤتسى فيه بإبراهيم.

في قراءة أبيّ: "ولأبويّ". وقرأ سعيد بن جبير: "ولوالدي"، على الإفراد،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ))، استشهاد لأن الدعاء يجيء بمعنى العبادة.

قوله: (ويأباه قوله: (إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) يعني: هذا القول مردود، لأنه لو نوى إبراهيم عليه السلام في قوله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ): "إن أسلما"، لكان مثل هذا الاستغفار مما يؤتسى به ومأموراً به، وقد قال الله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) إلى قوله: (إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) [الممتحنة: ٤]، فالله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>