قلت: هو من قولك: سمع الملك كلام فلان إذا اعتد به وقبله، ومنه: سمع الله لمن حمده. وفي الحديث:«ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن».
فإن قلت: ما هذه الإضافة إضافة "السميع" إلى "الدعاء"؟ قلت: إضافة الصفة إلى مفعولها، وأصله لسميع الدعاء. وقد ذكر سيبويه "فعيلاً" في جملة أبنية المبالغة العاملة عمل الفعل، كقولك: هذا ضروب زيداً، وضراب أخاه، ومنحار إبله، وحذر أموراً، ورحيم أباه. ويجوز أن يكون من إضافة فعيل إلى فاعله، ويجعل دعاء الله سميعا على الإسناد المجازي. والمراد سماع الله.
وأجاب: أن الفائدة أنه اعتد به وقبل منه، كما إذا رفع شخصان قصتهما إلى الأمير، وسمع كلامهما، وقبل من أحدهما وقضى حاجته، ولم يقبل من الآخر، يقال: سمع قصة فلان، ولم يسمع من الآخر، وهو من باب الكناية.
قوله:(ما أذن الله) الحديث، رواه الشيخان عن أبي هريرة، يعني: لا يعتد بشيء كاعتداده لنبي يتغنى بالقرآن، قال في "الفائق": "الأذن: الاستماع، والمراد بالتغني: تخزين القراءة وترقيقها، ومنه الحديث:(زينوا القرآن بأصواتكم) ".
الراغب:"غنى أغنية وغناء وتغنى، وقيل: تغنى؛ بمعنى: استغنى، ومنه: "من لم يتغن بالقرآن".
قوله: (من إضافة "فعيل" إلى فاعله)، أي: لسميع دعاؤك.