للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عَلَى"- في قوله: (عَلَى الْكِبَرِ) - بمعنى "مع"، كقوله:

إنِّي عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنْ كِبَرِي … أَعْلَمُ مِنْ حَيْثُ تُؤْكَلُ الْكَتِفُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو تذييل لما سبق وتأكيد له، ولهذا استشهد بقوله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)، لأنه من كلام الله تذييلاً لكلام بلقيس: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) [النمل: ٣٤].

فعلى الأول: كان من الظاهر أن يقول: "صدقت يا إبراهيم ما يخفى علي شيء"، أقام المظهر موضع المضمر، وأتى باسمه الأقدس الجامع، أي: اقتضى عظمة جلاله وكبرياء سلطانه وشمول علمه أن لا يخيب دعاءك.

وعلى الثاني: "وما يخفى عليك من شيء"، فعدل ليؤذن أنه كيف تخفى عليه حاجتي، وعلمه شامل لكل غيب وشهادة؟ !

قوله: ("على" في قوله: (عَلَى الْكِبَرِ) بمعنى: "مع")، ويجوز أن تجري على حقيقتها، ويقال: وهب لي وأنا متمكن على الكبر، كقوله تعالى: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) [يوسف: ١٨]، وهذا أنسب؛ لقوله: "لأن الولادة في تلك السن العالية كانت آية".

قوله: (إني على ما ترين من كبري)، يقول: إني مع ما ترين من كبري أعرف الأشياء حق معرفتها، لأني جربتها ومارستها، وإني الآن على ما كنت مع كبر سني وتغير أحوال الحواس. وإليه أومئ بقوله: "وإنما ذكر حال الكبر، لأن المنة بهبة الولد فيها أعظم".

قوله: (أعلم من حيث تؤكل الكتف)، مثل في التجربة، لأن المجرب يأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>