للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وما نعلن) من البكاء والدعاء. وقيل: (ما نخفي) من كآبة الافتراق، (وما نعلن) يريد: ما جرى بينه وبين هاجر حين قالت له عند الوداع: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله أكلكم. قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا نخشى، تركتنا إلى كاف. (وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) من كلام الله عز وجل تصديقاً لإبراهيم عليه السلام، كقوله: (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: ٣٤]. أو من كلام إبراهيم، يعني: وما يخفى على الله الذي هو عالم الغيب من شيء في كل مكان. و «من» للاستغراق، كأنه قيل: وما يخفى عليه شيء ما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولكن رأيت السيف من بعد سله … إلى الهز محتاجاً وإن كان ماضيا

قوله: (ما جرى بينه وبين هاجر حين قالت له عند الوداع: إلى من تكلنا؟ )، هذا في حديث طويل رواه البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس قال: "جاء إبراهيم عليه السلام بهاجر وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عند هاجر إناء فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم ثنى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ قالت له ذلك مراراً، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا. ثم رجعت.

فانطلق إبراهيم، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، فرفع يديه فقال: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) ".

قوله: ((وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) من كلام الله أو من كلام إبراهيم)، وعلى التقديرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>