(بَغْتَةً) فجأة وانتصابها على الحال بمعنى باغتة، أو على المصدر، كأنه قيل: بغتتهم الساعة بغتة.
(فَرَّطْنا فِيها) الضمير للحياة الدنيا، جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة، أو "للساعة"؛ على معنى: قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها، كما تقول: فرّطت في فلان. ومنه:(فرّطت في جنب الله)[الزمر: ٥٦].
(وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) كقوله: (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)[الشورى: ٣٠]؛ لأنه اعتيد حمل الأثقال على الظهور، كما أُلف الكسب بالأيدي، (ساءَ ما يَزِرُونَ) بئس شيئاً يزرون وزرهم، كقوله:(ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ)[الأعراف: ١٧٧].
قوله:(الضمير للحياة الدنيا، جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر). فإن قلت: أما سبق قبيل هذا: {وقَالُوا إنْ هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا {[الأنعام: ٢٩] لم لا يجوز أن يعود إليها، ويكون قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ {من وضع الظاهر موضع المضمر؟
قلت: ولا ارتياب أن القائلين لقوله: {إنْ هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا {[الأنعام: ٢٩] هم الناهون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش، كما مر، وأن قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ {إلى قوله: {ولَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ {[الأنعام: ٣١ - ٣٢] كالاعتراض والتوكيد لما يتضمن معنى الكلام السابق واللاحق من التهديد والوعيد، لاشتماله على جميع من أنكر الحشر، وسوء مغبتهم، وإظهار حسرتهم وندامتهم، ووخامة أمر حياة الدنيا.
وليس المقام من مجاز وضع المظهر موضع المضمر، لأن الاعتراض مستقل بنفسه، لا تعلق له بالسابق إلا من حيث المعنى.
قوله: (كقوله: {سَاءَ مَثَلاً القَوْمُ {، أي: مثله في تقدير المخصوص، أي: "ساء مثلا