للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (حَتَّى) غاية لـ (كذبوا) لا لـ (خَسِرَ)، لأن خسرانهم لا غاية له، أي: ما زال بهم التكذيب إلى حسرتهم وقت مجيء الساعة.

فإن قلت: أما يتحسرون عند موتهم؟ قلت: لما كان الموت وقوعاً في أحوال الآخرة ومقدّماتها جعل من جنس الساعة، وسمي باسمها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات فقد قامت قيامته»، أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالواقع بغير فترة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأن خسرانهم لا غاية له)، ويمكن أن يحمل على معنى قوله تعالى: {وإنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلَى يَوْمِ الدِّينِ {[ص: ٧٨]: أي: إنك مذموم، مدعو عليك باللعنة إلى يوم الدين، ثم إذا جاء ذلك اليوم لقيت ما تنسى اللعن معه. أي: خسر المكذبون إلى قيام الساعة، بأنواع من المحن والبلاء، فإذا قامت الساعة يقعون فيما ينسون معه هذا الخسران، وذلك هو الخسران المبين، يؤيده قوله: "يا حسرتنا".

قال سيبويه: "كأنه يقول: أيتها الحسرة، هذا أوانك". وقال أبو البقاء: "يا حسرة احضري، هذا أوانك".

والمعنى: تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة.

وقلت: هذا أقرب من قول المصنف بوجهين: أحدهما: سلامته من ذلك السؤال، وثانيهما: أن قوله: {وهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ {مقارن بهذا التحسر، وهو غير مناسب إلا بالحسر.

قوله: (أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته)، أي: وضع الساعة موضع الموت، لسرعة مجيئها.

<<  <  ج: ص:  >  >>