للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي التعبير بالمضارع (يسبحن) في حقهن والعدول به عن (مسَبِّحات) مع أن الأصل في الحال الإفراد، دلالة على تجدد التسبيح حالاً بعد حال، نظير ما وقع في قول الأعشى:

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة إلى ضوء نار في يفاع تحرق

فلصيغة الفعل خصوصية في الدلالة على حدوثه، ولا كذلك اسم الفاعل (١) .

ويجئ التعبير بالظرف في قوله تعالى: (إنا سخرنا الجبال معه) متناغماً مع السياق وكاشفاً عن عظمة الله وتفرده بالخلق والإيجاد، ومسوقاً مساق التعليل لقوة داود - عليه السلام - في الدين وأوابيته إلى مرضاته جل في علاه، ومؤكداً في الوقت ذاته على مدى المشاركة في تأدية هذه المهمة الجليلة، مهمة التنزيه والتقديس لقيوم السموات والأرض.

والشيئ بالشيئ يذكر فإن المتأمل لآية الرعد: (وله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال.. الرعد/١٥) ، يجد مصداق مابين أيدينا، فقد خُص فيئ الظلال - بما فيها ظلال الجبال - بالسجود دون التسبيح لكونه الأدوم والأبقى ولأنه الأظهر، لذا ساغ جعله - أعني السجود- مجازاً عن الفيئ، قال مجاهد: "سجود كل شئ فيؤه وذكر الجبال فقال: سجودها فيؤها" (٢) .


(١) ينظر الكشاف٣/٣٤٦ والآلوسي ٢٣/٢٥٦ مجلد ١٣.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/٥٨٩.

<<  <   >  >>