وهذه وإن كانت إطالة لأمر فقهي إلا أن الذي دعى إليها كثرة ما دار بين أهل التأويل من لغط حول مجازية التسبيح في الآيات التي مرت بنا، فهي إطالة استدعاها المقام والقصد منها إثبات صحة ما ارتأيناه من حمل التسبيح على المعنى المجازي له وهو الصلاة.
هذا وقد أورد الحافظ ابن كثير طرفاً مما كان عليه نبي الله داود من أمر العبادة مما يعد مَعْلماً لهذه الأمة، وزاداً لها في طريقها إلى الله، كما أفاد في تفسيره أن جوانب تعبده عليه السلام لم تكن قاصرة على ما ذكرنا من صلاة ركعتين بكرة ومثليهما عشياً، ونقل عن قتادة قوله:(أُعطي داود عليه الصلاة والسلام قوة في العبادة وفقهاً في الإسلام) ، وذكر أنه (كان يقوم ثلث الليل ويصوم نصف الدهر) وهذا ثابت في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله:(أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى، وإنه كان أوّاباً) وهو الرَّجَّاع إلى الله عز وجل في جميع أموره وشئونه (١) .