للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحق أن ماسيق قبلاً من أمر الصلاتين اللتين كان يؤديهما زكريا في محرابه وأمر بهما قومه، وما ذكر هنا في حق داود عليه السلام، وماقيل في أمر استنباط المفسرين من أنه حيث كانت صلاة لداود وقصَّت على طريق المدح عُلم منه مشروعيتها، وأنه عليه السلام كان يصلي مسبحاً فيهما ... لمما يستجمع منه كيفية صلاة من كان قبلنا ويستشف من خلاله أن صلاة البكرة أو الإشراق كانت – بالإضافة إلى ركعتين أخريين وقت العصر بالعشي – مفروضة في حق الأمم السابقة، وأن ذلك أضحى شرعاً لنا حتى فرضت الصلوات الخمس، فصارت ركعتا الإشراق بعد فرض الصلوات سنة في حق هذه الأمة، وأن هذا العمل – بموجب قوله تعالى في حق نبينا: (أولئك الذين هدى الله فبهداه اقتده.. الأنعام/٩٠) ، وقوله في حق أمته: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.. الأحزاب/٢١) ، وبموجب تقرير شرعنا لها إضافة لما خص الله هذه الأمة ونبيها به – ملزم لنا ويُعمل به.

كما يستكنه مما سبق أن ما روي في الصحيح عن عائشة من أن الصلاة فرضت ركعتين فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أُقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر (١) .. مرجح لما قلنا من أن الصلاة المفروضة في بداية الأمر – أعني قبل فرضية الصلوات الخمس، وطوال فترة بقائه - صلى الله عليه وسلم - بمكة - كانت ركعتي الضحى ومثليهما بالعشي، وبعد الأمر بالخمس ليلة الإسراء أقرت الرباعية منها على حالها ركعتين ركعتين في السفر وزيدت في الحضر، وعليه فما نقل عن أبي العالية من أن الصلاتين الواجبتين في ابتداء الحال كانتا متعينتين – وتحديداً - بصلاة الصبح والعصر (٢) ، فيه نظر.


(١) أخرجه البخاري ٣٥٠، ١٠٩٠ومسلم٦٨٥وأبو داود١١٩٨والنسائي١/٢٢٥، ٢٢٦ وأحمد١/٢٣٤والبيهقي٣/١٤٣وكلهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
(٢) ينظر الرازي١٠/٤١٣، ١١/٥٩٤.

<<  <   >  >>