للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والزعم بأن الفاء في قوله (فسبحان الله) هي فاء الفصيحة وهي تقتضي اتصال ما بعدها بما قبلها، يرد عليه أن هذا ليس شرطاً فيها، وهو إن سلم فإنه لا ينافي كون الخطاب لآهل الإيمان، ولعل هذا ما أشار إليه أبو السعود بقوله: "الفاء لترتيب ما بعدها بما قبلها، أي إذا علمتم ذلك – يعني مصير من جاء ذكرهم في قوله جل وعلا (وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون.. الروم /١٦) – فسبحوا الله تعالى تسبيحه اللائق في هذه الأوقات واحمدوه، فإن الإخبار بثبوت الحمد له تعالى ووجوبه على المميزين من أهل السموات والأرض في معنى الأمر به على أبلغ وجه وآكده" (١) ، أو أنها للاستئناف أو للابتداء.

والادعاء بأن الأنسب والأغلب أو المتعين في استعمال مصدر (سبحان) ، أن يجعل الخطاب فيه موجهاً للمشركين لكثرة وروده في القرأن على هذا النحو في مثل قوله: (سبحانه وتعالى عما يشركون.. يونس/١٨، النحل/١، الروم/٤٠، الزمر/٦٧) ، وعلى ما تقضيه أقوال أئمة اللغة (٢) .. يردّه أيضاً- بضميمة القرائن والأدلة سالفة الذكر- هذه الآية الكريمة من سورة الروم، وكذا ما جاء فى نحو قوله جل ذكره فى مخاطبة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (وسبح بحمد ربك حين تقوم.. الطور/٤٨) ، وقول الأعشى في داليته:

(وسبح على حين العشيّات والضحى) .


(١) تفسير أبي السعود ٧/ ٥٤مجلد ٤.
(٢) ينظر التحرير ٢١/٦٥ مجلد١٠.

<<  <   >  >>