للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: قَوْلُ قَتَادَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنْ يُبْدَأَ بِالرُّومِ قَبْلَ الدَّيْلَمِ، عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا- أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ وَآكَدُ. الثَّانِي- أَنَّهُمْ إِلَيْنَا أَقْرَبُ أَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ. الثَّالِثُ- أَنَّ بِلَادَ الْأَنْبِيَاءِ فِي بِلَادِهِمْ أَكْثَرُ فَاسْتِنْقَاذُهَا مِنْهُمْ أَوْجَبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) أَيْ شِدَّةً وَقُوَّةً وَحَمِيَّةً. وَرَوَى الْفَضْلُ عَنِ الْأَعْمَشِ وَعَاصِمٍ" غَلْظَةً" بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَلُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ" غلظة" بضم الغين.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٤]]

وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤)

" مَا" صِلَةٌ، وَالْمُرَادُ الْمُنَافِقُونَ." أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً" قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ فِي سُورَةِ [آلِ عِمْرَانَ «١»]. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى السُّورَةِ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ «٢»، فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ. وَكَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «٣» (إِنَّ لِلْإِيمَانِ سُنَنًا وَفَرَائِضَ مَنِ اسْتَكْمَلَهَا فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الْإِيمَانَ) قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: (فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ). ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ أَقُولَ بِزِيَادَةِ الْإِيمَانِ وإلا رددت القرآن.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٥]]

وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥)


(١). راجع ج ٤ ص ٢٨٠.
(٢). راجع ج ١ ص ٦٥.
(٣). الذي في البخاري: (كتب عمر بن العزيز إلى عدى بن عدى .. ) إلخ فراجعه في كتاب الايمان.