للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البينةُ على المدعِي. واليمين على المدعَى عليه» (١) جعل جنس اليمين في جنبة المدعى عليه كما جعل جنس البينة في جنبة المدعي.

وقال أبو الخطاب: ترد اليمين عليه؛ لما روى نافع عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّ اليمينَ على طالبِ الحق» (٢).

فعلى هذا يقال للناكل: لك رد اليمين؛ لأنه موضع حاجة. أشبه قوله: لك يمينه. فإن ردها حلف المدعي وحكم له بالحق المدعى به؛ لأنه قد استكمل الشروط المعتبرة. وإن نكل أيضاً صرفهما؛ لأنه لم يترجح أحدهما على صاحبه. فوجب بقاؤهما على ما كانا عليه.

قال: (فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس حتى يحتكما في مجلسٍ آخر. وإن قال المدعي: لي بينة بعد قوله: ما لي بينة لم تسمع. ذكره الخرقي. ويحتمل أن تسمع).

أما كون الحاكم لا يسمع اليمين إذا بُذلت بعد النكول في المجلس المذكور؛ فلأن اليمين فعله وهو قادر عليها فامتناعه منها يجب أن يكون مسقطاً لها.

وأما كونه يسمعها في مجلسٍ آخر؛ فلأن الدعوى فيه تصير محاكمة أخرى.

وأما كونه لا يسمع البينة بعد قوله: ما لي بينة على ما ذكره الخرقي؛ فلأن سماع البينة يحقق كذبه. فيعود الأمر على خلاف المقصود.

وأما كونه يحتمل أن يسمعها؛ فلأنه يحتمل أنه نفى أن تكون له البينة بناء على أنه ما علم ذلك، ولو صرح بذلك سُمعت؛ لما يأتي فكذلك هاهنا.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (١٣٤١) ٣: ٦٢٦ كتاب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه (٢٤) ٤: ٢١٣ كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري. وفي إسناده محمد بن مسروق. وهو لا يعرف. وإسحاق بن الفرات مختلف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>