للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن قال: ما أعلم لي بينة. ثم قال: قد علمت لي بينة سُمعت. وإن قال شاهدان: نحن نشهد لك فقال: هذان بينتي سُمعت. وإن قال: ما أريد أن تشهدا لي لم يُكلّف إقامة البينة).

أما كون بينة المدعي تُسمع إذا قال: ما أعلم لي بينة ثم قال: قد علمت لي بينة؛ فلأن إقامته البينة لا يلزم منها كذبه؛ لأن علمه بها مع عدم علمه يتصور صدقه فيهما. بخلاف ما تقدم.

وأما كونها تُسمع إذا قال: ما أعلم لي بينة فقال شاهدان: نحن نشهد بحقك؛ فلأن قول الشاهدين يجعل المدعي عالماً بأن له بينة فيصير بمنزلة ما لو قال: لا أعلم ثم قال: علمت بل أولى؛ لأنه هاهنا لا يُتهم. بخلاف ما إذا قال: ما أعلم ثم قال: علمت.

وأما كون صاحب البينة لا يُكلَّف إقامة بينته إذا قال للشاهدين: ما أريد أن تشهدا لي؛ فلأن إقامتها حقٌ له، والإنسان لا يكلف أن يفعل حقه.

قال: (وإن قال: لي بينة وأريد يمينه: فإن كانت غائبة فله إحلافه. وإن كانت حاضرة فهل له ذلك؟ على وجهين).

أما كون من ذكر له إحلافه مع غيبة البينة؛ فلأن ذلك تعين طريقاً إلى استخلاص حقٍّ ودفعه إلى مستحقه.

وأما كونه له ذلك مع حضور البينة على وجه؛ فلأنه أقرب لفصل الخصومة؛ لأن المدعى عليه ربما نكل. فعجّل فصل الخصومة.

وأما كونه ليس له ذلك على وجه؛ فلأن فصل الخصومة لإحضار البينة فلا حاجة إلى اليمين.

قال: (وإن حلف المنكر ثم أحضر المدعي بينته حُكم بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق).

أما كون الحاكم يحكم بالبينة فيما ذكر؛ فلأن حق المدعي ظهر بها.

وأما كون اليمين لا تكون مزيلة للحق؛ فلأن عمر رضي الله عنه قال: «البينةُ الصادقةُ أحبُ إليّ من اليمين الفاجرة». وظاهر البينة المذكورة الصدق فيلزم فجور اليمين المتقدمة فتكون البينة أولى منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>