للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: ٥٤]؛ أي: ضياءٍ وسعةٍ، وسمِّي النهارُ به لسَعَته وضيائه، وقيل: سُمِّي نهارًا لجَرَيان الشمس فيه كجَرَيان الماء في نهره.

وأمَّا تفسيرها:

فقد رُوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "في الجنةِ بحرُ اللَّبَنِ وبحرُ الماءِ وبحرُ العسلِ وبحرُ الخمرِ، ثم تَشَقَّق الأنهارُ منها بعدُ" (١).

قالوا: وهي الأنهار المذكورة في قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية [محمد: ١٥].

وقيل: النهرُ واحدٌ، ويجري فيه الخمرُ والماءُ واللبنُ والعسلُ لا يخالِط بعضُها بعضًا كما لا يخالط الماءُ العذبُ الأجاجَ المِلْحَ (٢) في الدنيا، قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: ١٩]، وقال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: ٦١].

وقال بعضهم: الجاري واحد، ويَختلف باختلافِ المُنْيَة (٣)، إنْ تمنَّى أن يكون لبنًا كان لبنًا، وكذا سائرُها.

وقال بعضهم: الجاري واحدٌ وطبائعُه أربعٌ: طبعُ الماء في إنبات الحياة، وطبعُ اللبن في التربية، وطبعُ العسل في الحلاوة، وطبعُ الخمر في الإطراب، وإنما ذكر الأنهارَ جمعًا على قولِ هؤلاء لكثرة معانيها مع اتِّحاد عينِها، فإذا دخلوا الجنة وقد


(١) رواه الترمذي (٢٥٧١) من حديث معاوية بن حيدة رضي اللَّه عنه وقال: حسن صحيح.
(٢) في (أ): "الماءُ العذبُ الماءَ الأجاجَ والملح".
(٣) المنية: ما يتمنى الرجل. ووقع في (ف): "التمنية".