للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذاقوا الموتَ وذاقوا (١) النارَ وخافوا وضعُفوا، فأهلُ الجنة (٢) سقَوهم الماءَ ليحيَوا ثم إنهم لا يموتون، وسقَوهم اللَّبن ليتربَّوا ثم إنهم لا يَنقصون، وسقَوهم الخمرَ ليَطرَبوا ثم إنهم لا يحزنون، وسقوهم العسل ليَصِحُّوا ثم إنهم لا يَسقمون.

ثم (٣) في الجنة عيونٌ أيضًا: عينُ الكافور، وعينُ الزَّنجبيل، وعينُ السَّلسَبيل، وعينُ الرَّحيق ومزاجُه من تسنيمٍ، وهذه الأنهارُ تنبع من عيونٍ في ساقِ العرش.

ورُوي أنه كُتب على ساق العرش عرضًا: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، فعينُ الماء تنبعُ من ميم بسم، وعين اللَّبن تنبع من هاءِ اللَّه، وعين الخمر تنبع من ميم الرحمن، وعين العسل تنبع من ميم الرحيم.

هذا منبعُها، وأمَّا مَصبُّها: فكلُّها تنصبُّ في الكوثر، وهو حوضُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في الجنة اليومَ، وُينقل يوم القيامة إلى العَرَصات لسقي (٤) المؤمنين، ثم ينقل إلى الجنة، ويُسقى أهلُ الجنة من هذه الأنهار والعيون بواسطة الملائكة، ويسقيهم اللَّه تعالى الشرابَ الطهور بلا واسطةٍ، قال تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١].

وقد قال بعضُ أهل المعرفة: إن للَّهِ تعالى شرابًا ادَّخَره لأهل المعرفة، فإذا شرِبوا طَرِبوا، وإذا طرِبوا قاموا، وإذا قاموا هاموا، وإذا هاموا طاشوا، وإذا طاشوا (٥) عاشوا، وإذا عاشوا طارُوا، وإذِا طارُوا طَلبوا، وإذا طَلبوا وجَدوا، وإذا وجَدوا نزلوا،


(١) في (ر) و (ف): "ودخلوا".
(٢) "فأهل الجنة": زيادة من (ف).
(٣) في (ف): "و".
(٤) في (أ): "ليسقي".
(٥) في (أ): "وإذا هاموا شاطوا وإذا شاطوا".