للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عزَّ وعلا في آيةٍ أخرى: {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان: ٦]؛ أي: حيث شاؤوا عُلْوًا وسُفْلًا.

وقال الإمام أبو منصور: الجنةُ ليست باسمٍ للأرض والبقعةِ خاصةً، بل هي اسمٌ لكل ما يجمع الأشجار والغرائس (١)، فقوله تعالى: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: من تحت أشجارها وغرائسها (٢) {الْأَنْهَارُ}.

قال: وقيل: {مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: حيث يقعُ أبصارهم عليها وهم في العُلو، وذلك أَنْزهُ عند الناس وأحلى وأطيب.

قال: وقيل أيضًا: {مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: من تحت ما علا منها من القصور والغرف، لا تحت الأرض، كقوله عليه السلام: "تحت كلِّ شعرةٍ جنابةٌ" (٣)؛ أي: تحت ما علا لا تحت الجلد (٤).

وقوله: {الْأَنْهَارُ} هي جمع نهر، وهو مَسيل الماء، وقد أَنْهرَ الدَّمَ؛ أي: أسالَهُ، ونَهَرٌ نَهِرٌ؛ أي: كثيرُ الماء. وقيل: سمِّي به لسعته وضيائه، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي


(١) في (أ): "اسم لما يجمع الأشجار والعرائش" وفي (ر): "اسم لتجتمع الجنان والعرائس". وفي "تأويلات أهل السنة": (ولكن ما يجمع من الأشجار، وما ينبت فيها من أَلوان الغروس المثمرة).
(٢) في (أ): "وعرائشها".
(٣) رواه أبو داود (٢٤٨)، والترمذي (١٠٦)، وابن ماجه (٥٩٧)، من طريق الحارث بن وَجيهٍ، عن مالك بن دينار، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه مرفوعًا. قال أبو داود: الحارثُ حديثُه منكر، وهو ضعيف. وقال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخٌ ليس بذاكَ.
قلت: وله شواهد، لكنها جميعًا لا تخلو من مقال، فمنها حديث أبي أيوب الأنصاري عند ابن ماجه (٥٩٨) وإسناده منقطع. ومنها حديث عائشة عند أحمد (٢٤٧٩٧) وإسناده ضعيف. ومنها حديث علي عند أبي داود (٢٤٩) وإسناده ضعيف مرفوعًا.
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤٠٣).