للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ}: هذا أمرٌ بالإتيان بسورةٍ، والإتيانُ في اللغة هو المجيء، والإتيانُ: الفعل، والإتيان: الغِشْيان، والإيتاء: الإعطاء، وتَأْتيَةُ السَّيل: تسهيلُ سُبله (١)، والتأتِّي: التَّهيُّؤُ، والمؤاتاةُ: الموافَقة، والإتاء: الغلَّة، والأَتِيُّ والأَتَاويُّ: الغريب، والمِيْتاء (٢): الطريق المسلوك، ومعانيها متقارِبةٌ.

والإتيانُ في القرآن لأربعينَ معنًى عدَّدْناها في تفسيرِنا الأولِ الأطول.

وهو في هذه الآية: المعارَضة؛ أي: عارِضوا هذا القرآن بسورةٍ، وهذا خلافُ قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} [آل عمران: ٩٣] ذاك إظهارُ ما قد كان، وهذا إنشاءُ ما لم يكن.

وهذا إلزامُ الحجة عليهم بأنَّ القرآن مما أنزله (٣) اللَّه على عبده، وهو صادقٌ في دعوى الرسالة، وأنه مبعوثٌ لإقامة الدَّلالة، والدعوةِ إلى الهدى من الضَّلالة، وأنهم معانِدون في إنكاره، وفي دعواهم أنه مما افتراه محمد باختياره، يقول (٤): إن كان هذا من كلام البشر فعارِضوه بمثله من عندِكم، وتَفصَّوا (٥) عن هذه العُهدة بجَهدكم.

وقوله تعالى: {فَأْتُوا} صيغتُه صيغةُ أمرٍ، ومعناه: الإعجاز، وهذه الصيغة في القرآن على وجوهٍ:


= أليس اللَّه بكاف عبده، و -صلى اللَّه عليه وسلم- يؤدي في الخدمة والعبادة شكر النعمة وبقوله: أفلا أكون عبدًا شكورًا".
(١) في (ر): "سيله". وقال الأزهري: يقال: أَتَيْتُ السَّيْلَ فأنا أُوَتِّيه: إذا سهَّلْتَ سبيلَه من موضِع إلى مَوضع ليخرجَ إليه. انظر: "تهذيب اللغة" (١٤/ ٢٥١).
(٢) في (ر): "والمأتي".
(٣) في (أ): "أنزل".
(٤) في (ف): "بقول" وفي (ر): "بقوله لهم".
(٥) في (ر): "وتفضوا"، وفي (ف): "وتقصوا". والتفصِّي: التخلُّص.