للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منهم: إني قد رأيت رأيًا (١) في قلبي فلستُ أُبصر غيره، فاسمعوا أَعْرِضْ عليكم: إني نظرتُ في خلق السماوات والأرض، واختلافِ الليل والنهار، والشمس والقمر، والنجوم (٢) والسحاب والمطر، والأحياء والأموات، والأشجارِ والنبات، والصغارِ والكبار، والعناءِ والشدة، والرخاءِ والنعمة، وتقلُّبِ الدنيا بأهلها، والأحوالِ المختلفة من الموت والحياة، والنقصِ والزيادة (٣)، والغنى والفقر، وموت (٤) الصغير وهرم الكبير، وأشباهٍ لهذه كثيرةٍ لا يُشبه بعضها بعضًا، فلما نظرت فيها أجمعَ رأيي على أن لها خالقًا بديعًا أبدعها، وربًّا يملكها ويدبِّرها، ويخلقها ويرزقها، ويغنِيها ويُفقرها، ويرفعها ويخفِضها، ويحييها ويميتها، تتقلَّب في قبضته وتعيش برزقه، فلما تمَّ لي الأمر نظرتُ في عظمته وقدرته (٥) فإذا ليس من هذا الخلق شيءٌ ملا يفوته، وإذا قدرتُه محيطةٌ بكل شيء، فما (٦) تقولون؟

فقالوا: قد قلتَ قولًا عظيمًا، ووصفتَ أمرًا عجيبًا، ولا نحسبك إلا وقد أَصبتَ فيه النظر، وقد صدَّقناك وتابعناك (٧)، ورأينا رأيك، وإنْ كنا لنَرى مثلما رأيتَ، ويَخطر على قلوبنا مثلما خطر على قلبك، لكنَّا لم نشرح منه (٨) ما شرحتَ؛ لِمَا أن اللَّه هداك


(١) في (ر) و (ف): "رؤيا".
(٢) بعدها في (ر): "والجبال".
(٣) في (ف): "والكثرة".
(٤) في (ر) و (ف): "ومدة".
(٥) في (ف): "وقهره".
(٦) في (أ): "فماذا".
(٧) (ف): "وبايعناك".
(٨) في (أ): "مثل".