للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأكرمك وعلَّمك ذلك (١)، حدِّثنا عما نسألك عنه: هل ينبغي لهذا الربِّ أن يكون له شريكٌ في ملكه، أو حاجةٌ إلى شيء من خلقه؟ وهل (٢) يغلبه شيء يستعين عليه بغيره؟

فقال: لو كان له شريك في شيء لضبَط ما يَضبط، ولو كان به حاجة إلى أحد من خلقه لكان مثلَهم، ولو كان يستعين على شيء يغلبه بغيره ما بَلَغتْ قدرته حيث بَلَغتْ.

قالوا له: صدَقْتَ وعرفنا ما تقول (٣)، وثبت في قلوبنا ذلك، ولكن (٤) حدِّثنا ما بالُ خلقه يُشركون به وهم يعرفونه؟

قال: لأنه خلق فيهم الأهواء، وطبَع قلوبهم على الشهوات، وجبَلهم على الضعف، وثبَّت معهم الشيطان، فمِن قِبَل هذا عدَلوا به، وهم يعرفون أن الذين يدعون من دونه لا يُحيونهم ولا يميتونهم (٥)، ولا يخلقونهم ولا يرزقونهم، ولا يضرُّونهم (٦) ولا ينفعونهم.

فعند ذلك أَجمعَ رأيُهم على أن يَأْووا إلى الكهف (٧)، وأن يعتزلوا قومَهم وما يعبدون من دون اللَّه، فعند ذلك قالوا: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} يقولون: فما يمنعُ هذه الآلهةَ التي تُعبد من دون اللَّه إن كانت كما


(١) في (أ): "ولكن".
(٢) في (ر) و (ف): "أو هل".
(٣) في (ر) و (ف): "وعزمنا على ما تقول".
(٤) "ولكن" من (أ)، وفي (ف) بدلا منها: "حيث بلغت".
(٥) في (ر) و (ف): "من دونه لا يجيبونهم".
(٦) في (ر) و (ف): "ينصرونهم".
(٧) في (ف): "يأتوا إلى كهف".