للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن زيد: حدَّث اللَّه تعالى عن أصحاب الكهف وترَك أصحاب الرقيم لم يحدِّث عنهم شيئًا (١).

وقيل: هم أصحاب الغار الذي انطبق على ثلاثةِ نفر، فذكر كلُّ واحدٍ منهم أصلح عمله، وسأل اللَّه تعالى أن يكشف بذلك عنهم، فأجابهم اللَّه تعالى وكشف عنهم وفتح لهم الغار فخرجوا منه، وهو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث فيه طول (٢).

فأما قصة أصحاب الكهف (٣):

فقد قال وهب بن منبِّهٍ رحمه اللَّه: إنهم كانوا فتيةً من الروم آمنوا بربهم، وكان ذلك عبرةً وتفكُّرًا منهم في عظمة اللَّه -جلَّ جلالُه- وملكِه وقدرته، لم يأتهم بذلك وحيٌ، ولم يقرؤوا به كتابًا، ولم يدركوا زمان نبوَّةٍ، وكانوا في زمنِ فترةٍ قبل أن يَبعث اللَّه عيسى عليه السلام، وكانوا شبَّانًا متقارِبين في الأسنان من قبيلةٍ واحدة، وكانوا في حسَبٍ عظيم من أولاد عظماء الروم، وكان للروم فيهم هوًى وميل، وكان مُلك الروم في أيامهم ينتقلُ في فصيلتهم أكثر من أربع مئة عام حتى انقرضت تلك الفصيلة، وكان الروم يتمنَّون ملك هؤلاء لما قد (٤) بلغهم في زمانِ مُلكِ سلفِهم من الخفض والدَّعَة، والعافية والأمن والسَّعة، وكان ملوك العصر قد ثقُل عليهم مكانهم فجفَوهم (٥) وحرَموهم وأضرُّوا بهم مخافةً على أنفسهم، فلم تزَل تلك حالهم حتى أراد اللَّه تعالى بهم ما أراد مِن هُداهم، ونوَّر اللَّه تعالى الإيمان في قلوبهم، فقال قائل


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٥٩).
(٢) رواه البخاري (٢٢٧٢)، ومسلم (٢٧٤٣)، من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما.
(٣) في (ف): "أهل الكهف".
(٤) "قد" من (أ).
(٥) في (أ): "فحصوهم".