للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد نُفي بقوله: {لَنْ تَرَانِي} وذلك لا (١) يحتمِل إراءةَ الآيات، ولأنه قال: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} وأجيب بـ {لَنْ تَرَانِي}، وذلك لا يحتمِل إراءةَ الآيات ونفيَ رؤيتها.

وقولهم: إنه سأل ذلك لقومه. لا يستقيم؛ لأنه قالَ: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ولم يقل: أَرِهم ينظروا إليك (٢)، وقال: {لَنْ تَرَانِي} ولم يقل: لن يروني، ولأنه لو كان لسؤال القوم فمِن حقِّه أن يزجرهم عنه ويجهِّلهم فيه كما فعَل ذلك في حقِّ الذين قالوا: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} حيث جهَّلَهلم وسفَّهَهم بقوله (٣): {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} الآيات [الأعراف: ١٣٨].

وأمَّا قولهم: خفي عليه ذلك.

قلنا: يكون هذا جهلًا باللَّه، وهو كفرٌ، ومَن ظن هذا بالأنبياء فهو كافرٌ وباللَّه (٤) العصمةُ.

وقد رُوي في هذا أحاديثُ فيها ذكرُ نزول الملائكة والتعنيفِ على موسى عليه السلام بما سأل، ولكنْ ليس ورودُها على وجهٍ يصحُّ، ولا يجوز قبولُها لأنها لا تليق بحال الأنبياء.

وأقاويل الناس في الآية أيضًا على وجوهٍ تختلف، والصحيح الموافقُ للأصول ما قلنا، وباللَّه المعونةُ.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: ولمَّا جاء موسى عليه السلام مجيءَ المشتاقين،


(١) في (أ) و (ف): "فلا"، بدل: "وذلك لا".
(٢) في (ر): "أرهم لينظروا".
(٣) في (أ) و (ف): "وسفههم وقال تعالى" وفي (ر): "وسفههم بقوله قال".
(٤) في (ف): "فهو كافر باللَّه ونسأل اللَّه".