للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{اهْدِنَا}؛ أي: مِلْ بنا إليك، واجعَلْ إقبالَنا عليك، وكنْ عليك دليلَنا، ويسِّر إليك سبيلَنا.

اقطعْ أسرارَنا عن شهود الأغيار، ولوِّح في قلوبنا طوالعَ الأنوار، وأفرِدْ قُصودنا إليك عن دنسِ الآثار، ورقِّنا عن منازل الاستدلالِ إلى ساحات القُرب والوصال، وحُلْ بيننا وبين مساكَنةِ الأمثال والأشكال بما تكاشِفُنا به من شهودِ الجمال والجلال.

أزِلْ عنا ظلماتِ أحوالنا لنستضيءَ بنور بأنوارِ قدسك، وارفع عنا ظلَّ (١) جهدنا لنستبصِرَ بنجوم جُودك.

احفَظْنا عن (٢) النَّزَغات والوساوس، والخطَرات والهواجس، كيلا يستهويَنا آفةٌ من فشلٍ أو هوادة، أو طبعٍ أو عادة، أو كسلٍ أو ضعفِ إرادة، أو طمعِ مالٍ واستزادة (٣).

قال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: قالت المعتزلة: المراد بالهداية (٤) هاهنا البيانُ، فإنهم لا يَرون من اللَّه عز وجل خلقَ فعلِ الاهتداء، ولو كان كما قالوا فهم (٥) والمغضوبُ عليهم والضالُّون في ذلك سواءٌ، لأنه قد بيّن للكلِّ (٦).

ثم في هذه الكلمةِ فوائدُ:


(١) في (ر): "ظلة" وفي (ف): "ظلمة"، والمثبت من (أ) و"اللطائف".
(٢) في (ف): "واحفظنا من".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٤٩ - ٥٠).
(٤) في (ر) و (ف): "المراد من هذه الآية".
(٥) في مطبوع "التأويلات": "فهو"، فإن لم يكن تحريفا يكون الضمير عائدًا على القائل: {اهْدِنَا} باعتبار اعتقاده أن المعنى من ذلك البيان، والمؤدى واحد لمن تأمل.
(٦) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٦).