للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها: أنَّ اللَّه تعالى أمر عباده بهذا السؤالِ لأنه أهمُّ حوائجهم، وهو الذي سأله الأنبياءُ عليهم السلام والأولياءُ، قال (١) يوسفُ صلوات اللَّه عليه: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} (٢) [يوسف: ١٠١]، وقال سحرةُ فرعونَ عليه لعائنُ اللَّه: {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: ١٢٦]، وقا لت الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٣]، وما ينبغي أن يُعتمد على ظاهرِ الحال، فقد يتغيَّر في المآل، واعتَبِرْ بإبليس وبرصيصا، وبلعامَ (٣) وثعلبة.

ومنها: أنه علَّم كيفيَّةَ الدعاء، وهو البدايةُ بالثناء، وقد قال عليه الصلاةُ والسلام: "مَن بدأ بالدُّعاء قبل الثَّناء فهو قَمِنٌ أنْ لا يُستجابَ له" (٤).

ومنها: أنه أَمر بهذا الدعاءِ، ولو لم يُرِدْ به (٥) الإجابةَ لَمَا أَمر به، وقد حقَّق ذلك فيما روِّينا: "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل" (٦)، وهذا إثباتُ المباسَطةِ، وهو دليلُ حقيقةِ المحبة، وما رُوي: أن المصلِّيَ يناجي ربَّه (٧)، فقد قيل: هو في هذا، وفي إثباتِ هذه المناجاةِ إثباتُ المحبةِ والقربةِ والخصوصيَّة، فلا مناجاةَ إلا من أهل المحبة، وإلا بَعدَ نيلِ القُربة، وإلا عند ظهورِ الخصوصيَّة.

ومنها: أنَّ قوله تعالى: {اهْدِنَا} على الجمعِ يكون لنفسه ولعامة المسلمين،


(١) في (ف): "فقال".
(٢) زاد في (أ): " {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ".
(٣) في (ف) و (أ): "وبلعم".
(٤) لم أجده، وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٩١٧١) عن إبراهيم التيمي قال: كان يقال: إذا بدأ لرجل بالثناء قبل الدعاء فقد وجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء.
(٥) "به" من (ف).
(٦) قطعة من حديث رواه مسلم (٣٩٥)، وتقدم.
(٧) قطعة من حديث رواه البخاري (٥٣١) من حديث أنس رضي اللَّه عنه.