للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابنُ عامر في رواية ابن ذكوان (١): {عاقدتم} بالألف (٢).

و"ما" مع الفعل مصدرٌ، وتقديره: بعقدِكمُ الأيمان، وهو اليمينُ على أمرٍ في المستقبل، نفيًا أو إثباتًا: ليفعلنَّ كذا، أو لا يفعلُ كذا؛ لأنَّ العقدَ ضِدُّ الحَلِّ، واليمينُ في المستقبل هي التي تَقبلُ الحلَّ، فهي التي يَتحقَّقُ فيها العقدُ. وعلى هذا: لا كفارةَ في اليمينِ الغموس عندنا، وهي اليمينُ الكاذبة في الماضي؛ لأنَّها غير معقودة (٣)، وعند الشافعيِّ رحمه اللَّه: العقدُ: هو القَصدُ بالقلبِ، واليمينُ الغَموس مقصودةٌ بالقلب، فكانت معقودةً، فكانت الكفَّارة فيها مشروعةً (٤).

وقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ} الهاءُ كنايةٌ عن قوله: "ما" في قوله: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}.

وقوله تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} هو أنْ يُغَدِّيَهم ويعشِّيهم، ويجوزُ أنْ يُعطيَهُم بطريقِ التَّمليك، وهو لكلِّ واحدٍ منهم نصفُ صاعٍ مِن حنطة، أو صاعٌ مِن شعيرٍ (٥)، أو صاعٌ من تمر، وعند الشافعيِّ رحمه اللَّه: مدٌّ مِن حنطة (٦).

وقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} هم مَن في عياله مِن الزَّوجةِ والأولاد والخَدَم، والأوسَطُ: بين الجيِّد والرَّديء، وبين الإسرافِ والتَّقتير، وبين


(١) قوله: "في رواية ابن زكوان" من (ف).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٧)، و"التيسير" (ص: ١٠٠)، و"جامع البيان" للداني (ص: ٤٨٥) و"النشر" للجزري (٢/ ٢٥٥).
(٣) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٨/ ١٢٧).
(٤) انظر: "نهاية المطلب" للجويني (١٨/ ٣٠٤).
(٥) انظر: "اللباب في شرح الكتاب" للغنيمي (ص: ٦٠٣).
(٦) انظر: "منهاج الطالبين" (ص: ٥٤٥).