للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المرادُ هاهنا إلغاءُ تلك الأيمانِ بالحنث (١) فيها، عملًا بقول النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتِ الذي هو خيرٌ (٢) ثم ليكفر يمينه" (٣)، فأخبرَ بهذه الآيةِ أنَّهم إذا ألغَوها، وحنَثوا فيها، لم يُؤاخذوا بالإثمِ، وعليهم الكفارة.

وقالت عائشةُ رضي اللَّه عنها: اللَّغو: هو ما يَجري في كلام الناس: لا واللَّه، وبلى واللَّه (٤)، ولا كفارةَ فيه. وبه أخذ الشافعيُّ رحمه اللَّه (٥).

وقال أبو هريرة وابنُ عبَّاس ويحيى بنُ سعيد الأنصاري ومكحولٌ وجماعةٌ من الصَّحابة والتَّابعين رضوان اللَّه عليهم أجمعين: هو أنْ يَحلف على الشَّيء يَراهُ من بعيد، فيَظنُّ أنَّه كذا، فيقول: واللَّه إنَّه كذا، فإذا هو خلافه (٦)، فلا مؤاخذةَ في هذا بإثمٍ ولا كفارةٍ، وبه أخذ أصحابُنا رحمهم اللَّه (٧).

وقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} قرأ ابنُ كثير، ونافعٌ، وأبو عمرو، وعاصمٌ في رواية حفص؛ بالتَّشديد: {عَقَّدْتُمُ}.

وقرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ (٨)، وعاصمٌ في رواية أبي بكر وحمَّاد (٩) بالتخفيف.


(١) في (أ): "في الحنث".
(٢) بعدها في (أ): "له".
(٣) رواه مسلم في "صحيحه" (١٦٥٠): (١٣) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) رواه البخاري في "صحيحه" (٦٦٦٣).
(٥) انظر: "الأم" للشافعي (٨/ ١٥٥).
(٦) روى أقوالهم الطبري في "تفسيره" (٤/ ١٩ - ٢٠، ٢٥)، ووقع في (أ): "ليس هو كذا" بدل: "هو خلافه".
(٧) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٨/ ١٢٩).
(٨) قوله: "وخلف" من (ف).
(٩) قوله: "وحماد" من (ف).