للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرَّة والثلاث؛ يعني: المرتين، والأوسَطُ: الأعدل، قال تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: ٢٨]؛ أي: أعدلُهم، وقال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]؛ أي: عدولًا.

وقوله تعالى: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} هو مصدرٌ، ومعناها الإلباس، و {أَوْ} للتَّخيير، وكذلك قوله: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، فيختار أيَّ الثلاثةِ شاء؛ مِن إطعامِ عشرةِ مساكين، أو إلباسُ عشرة مساكين كلَّ واحدٍ كسوةً تامَّةً، يجوز له فيها الصَّلاةُ، مِن إزارٍ ورداءٍ، أو قميصٍ وسراويل، وللمرأة ذلك مع خمار، أو اعتاقُ رقبةٍ كاملةٍ ليس بها نقصانُ عمى، أو قطعِ يدين أو رجلين ونحوهما، صغيرةً كانت أو كبيرةً، مسلمةً كانت أو كافرة.

وعند الشافعيِّ رحمه اللَّه: لا يجوزُ إلَّا المؤمنة (١)؛ استدلالًا بالرَّقَبةِ في قتل (٢) الخطأ، وعندنا: هذا مطلقٌ، فيَجري على إطلاقه (٣).

والمراد من الرَّقبة تمامُ البدن، ولكنَّ التَّحريرَ في معنى فكِّ الأسيرِ المغلولِ العنقِ، فلذلك ذكرَ الرَّقبة.

وقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}؛ أي: فمَن لم يَجِد أحدَ هذه الأشياء، فكفَّارتُه صيامُ ثلاثةِ أيَّام، وهي مطلقةٌ عند الشَّافعيِّ رحمَه اللَّه؛ إنْ شاءَ تابعَها، وإنْ شاءَ فرَّقَها؛ لإطلاق النَّص، وهي عندنا متتابعةٌ؛ لقراءة عبد اللَّه بن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) (٤)، وقراءَتُه بمنزلةِ روايتِه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقيَّدنا به المطلقَ.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ}؛ أي: ذلك المذكور.


(١) انظر: "الأم" للشافعي (٨/ ١٦٠).
(٢) في (ف): "قتيل".
(٣) انظر: "اللباب" للغنيمي (ص: ٦٠٢).
(٤) رواها الطبري في "تفسيره" (٨/ ٦٥٢)، ورواها أيضًا عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنهما.