للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه دليلٌ أنَّ الإيمانَ لا يَزولُ بزوال التَّقوى، فقد أثبتَهُ اللَّه مع ذلك.

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: من أمارات السَّعادةِ الوقوفُ على حدِّ الأمرِ؛ إن أباحَ الحقُّ شيئًا، قَبِلَ ذلك، وإنْ حظرَ وقفَ، ثمَّ أكلُ الحلالِ الطَّيِّبِ أنْ يَأكلَ ما يأكلُ على شهودِه؛ فإن نزلَت الحالةُ عن هذا، فعلى ذِكْرِه، فأمَّا الأكلُ على الغفلةِ، فليس بطيِّبٍ عند أهلِ الحقيقة (١).

* * *

(٨٩) - {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

وقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ولمَّا نزلت الآيةُ في حقِّ عثمانَ بنِ مظعون وأصحابِه: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}، وقد كانوا حلفوا؛ لا يَتنعَّمون، ولا يأتون الأهالي (٢)، ولا يَلبَسون اللَّيِّن مِن الثياب ونحو ذلك، قالوا: يا رسولَ اللَّه، كيف بأيمانِنا التي حلفنا عليها؟ فنزلَت هذه الآية (٣).

ووجهُ آخرُ للانتظام: أنَّ السُّورة في الوفاءِ بالعقود، والأيمانُ مِن العقود، واللَّغوُ اختُلِفَ فيه، وقد تكلَّمنا فيه في سورة البقرة (٤).


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٤٤).
(٢) في (ر): "النساء".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره (٨/ ٦١٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٤) عند تفسير الآية (٢٢٥).