للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أولَ ما كلَّمها أن قال لها: قد حكَّ في صدري شيءٌ أردْتُ كتمانَه فغلبني ذلك، فرأيْتُ الكلامَ أشفى لصدري. قالت: قلْ. قال: فحدثيني؛ هل ينبت الزرع من غير بذر؟ قالت: نعم. قال: فهل ينبت شجرٌ من غير أصلٍ؟ قالت: نعم. قال: فهل يكون ولدٌ من غير ذكَرٍ؟ قالت: نعم، ألم تعلم أن اللَّه تعالى أنبتَ الزَّرع يومَ خلقَه من غير بذر؟ والبذرُ يومئذٍ إنما صار من الزَّرع الذي أنبتَ اللَّه من غير بذر؟ ألم (١) تعلم أن اللَّه خلق آدم وحواءَ من غير أنثى ولا ذكر؟ فلما قالت له ذلك وقع في نفسه أن الذي بها شيءٌ أكرمها اللَّه تعالى به (٢).

قوله تعالى: {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}؛ أي: بولدٍ يخلقُه من غير أبٍ، يقول له: كن فيكون.

وقيل: {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}؛ أي: يهدي به إلى الحقِّ كما يهدي بكلامه.

وقيل: كان اللَّه تعالى وعدَ (٣) في كتبه السَّابقة أن (٤) يبعث عيسى نبيًّا، فلمَّا خلقه وبعثه قال: هذا كلمتي؛ أي: ما كنْتُ وعدْتُ به.

وقيل: معنى قوله: {يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}؛ أي: ببشرى، وهو (٥) ولدٌ يولد لك، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: ١٧١]؛ أي: رسالته التي أخبر بها مريم، كما قال: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٩].


(١) في (ر): "أولم".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٩٤).
(٣) في (ر) و (ف): "وعد نبيه".
(٤) في (ف): "أنه".
(٥) في (ف): "تبشري وهي".