للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: أخبره عن صفوة هؤلاء وصنيعهم ليكون على علمٍ من ذلك، أو أخبره ليتأمل بم نالوا الصفوةَ المذكورةَ، فيجتهدَ في ذلك (١).

* * *

(٤٥) - {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}.

قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ}؛ أي: واذكر يا محمد إذ قال جبريل -ووَجْهه ما مرَّ-: {يَامَرْيَمُ} (٢).

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}: قال ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: إن مريم رضي اللَّه عنها كانت في مَشرقةٍ (٣) لها قد ضَربت دونها سترًا، إذا هي برجلٍ عليه ثيابٌ بيضٌ -وهو جبريل- تمثَّل لها بشرًا سويًّا، فلمَّا رأته قالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: ١٨] (٤)، ثم نفخ في جيب درعها، حتى وصلَت النَّفخة إلى الرَّحم فاشتملَتْ.

وقال وهبٌ: وكان معها ذو قرابةٍ لها يقال له: يوسف النَّجار، وكانت مريم ويوسف يخدمان المسجد، وكان أوَّلُ مَن أنكرَ حملَ مريمَ يوسفُ هذا، فاستعظمَ ذلك، فإذا أرادَ أن يتَّهمها ذكرَ صلاحَها، وإذا أراد أن يُبرِّئَها رأى ما ظهرَ عليها، فكانَ


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٣٦٩). وقد ذكر الماتريدي وجهًا ثالثًا، وهو دلالة إثبات رسالته، لأنه أخبر عما كان دون أن يعلمه أحد من البشر، فدل أنه إنما علم ذلك من اللَّه تعالى.
(٢) "يا مريم": من (أ) و (ف).
(٣) في (ر) و (ف): "مشرفة"، والمثبت من (أ)، وهو الصواب. والمَشرقةُ -مثلثة الراء-: محل شروق الشمس والقعود فيه شتاء. انظر: "حاشية الشهاب الخفاجي على البيضاوي" (٦/ ١٤٨).
(٤) ذكره مفرقًا عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما الواحدي في "البسيط" (١٤/ ٢١٢ - ٢١٤).