للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والإلقاءُ: الإخبارُ؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (١) [المزمل: ٥]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [غافر: ٦].

وقيل: الكلمةُ: الأمرُ العظيمُ؛ قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: ١٢٤]؛ أي: أمورٍ عظيمةٍ شاقةٍ، مِن الأمرِ بذبح الولد، والإلقاء في النَّار، والأمرِ بالهجرة، وغيرِها، وكانَ خَلْقُ عيسى عليه السلام أمرًا عظيمًا، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: ٥٠].

وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: قوله: {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} هذه إضافةُ كرامةٍ، كخليلِ اللَّه، وكليم اللَّه، ونجيِّ اللَّه، وذبيحِ اللَّه، وبيوتِ اللَّه، وللدِّين: نور اللَّه، وللفرائض: حدود اللَّه، ليس في شيءٍ من ذلك توهُّمُ شيءٍ يزيل معنى الخِلْقة فيوجب معنى الرُّبوبيَّة، بل هو لتخصيصه في الفضل على أشكاله، وكذلك قوله: {مِنْهُ}، وهو كقوله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، وليس ذلك على ما توهَّمه النَّصارى (٢).

قوله تعالى: {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}: قيل: المسيح لقب، والاسم عيسى، وبدئ باللَّقب كما يقال: جاء الشيخُ فلانٌ، والقاضي فلانٌ، والفقيهُ فلانٌ. وهذا على وجه التَّعظيم، ولأنه عُرِفَ بهذا في التوراة وما قبلها من الكتب، فاستقام على هذا قوله: {اسْمُهُ الْمَسِيحُ}؛ لأن الَّلقب إذا عُرِفَ صار كالاسم، قال تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: ١١].

وقال عليه الصلاة والسلام: "لي خمسةُ أسماءٍ: محمَّدٌ، وأحمدُ، والماحي، والحاشرُ، والعاقب" (٣).


(١) "قولًا ثقيلًا" ليس في (ف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل اللَّه" (٢/ ٣٦٤).
(٣) رواه البخاري (٣٥٣٢)، ومسلم (٢٣٥٤) من حديث جبير بن مطعم رضي اللَّه عنه. ومعنى =