للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة عشرةَ: إذا أعتقَ العبدُ عبداً له فأجاز السيد ذلك له، ثمَّ عَتَقَ العبدُ بعد ذلك، فلا يعود ولاء عبده الذي أعتقهُ وأجازه السيد إليه، وإذا أعتق المكاتَب عبداً فأجاز سيده العتق، ثمَّ عتَق المكاتَب، فإن ولاء العبد الذي أعتقه يَعُودُ إليه، والكُلُّ عتقٌ صارَ من عبْدٍ، وولاؤه عليه.

فالجواب أن العبد لمَّا أعْتَقَ عبْدَهُ فعتقُهُ غير نافِذ، فَلمَّا أجازه فكأنه هو المعتِق للعبدِ، لأنهُ لو أراد انتزاع ماله كان له، فصارَ إنفاذُ ذلك منه انتزاعا للعبد، وعتقاً نفذ من جهته، فكان الولاء له، ولم يعد إلى المعتِق لأنه لم يصْدُرْ العتق منه، إذْ عِتْقُهُ له غير نافذ. والمكاتَب لما أعتق عبده، فأجازه السيد، فالعتق لم يصْدُرْ من جهة السيد، لأنه ليس له انتزاع مال المكاتَب، وإنما هو محجورٌ عليه حتى يوفى ما عليه، فإذا وفّى زال الحجْر عنه.

المسألة السادسة عشرة: قال مالك: إذا دبَّر في مرضه جماعةَ عبيد في كلمة واحدة لم ييدأ أحدهم على صاحبه، وعتَقَ من كل واحد ثُلُثُهُ إذا لم يَكُنْ مَالٌ غَيْرُهُم، ولا يُقْرَع بينهم، وإذا أوْصى بعتق عبيد له أقرعَ بينهم ورَقَّ باقِيهِمْ، والكل عتْق لا ينفَّذُ إلا بعد الموت، فَلِم كان هذا؟

فالجواب أن التدبير ليس للمدبَّر إبطالُهُ ولا تغييرُهُ، فكان حكمُه أقوى من غيْره، والوصيَة بالعتقِ، لهُ إبطالُها وتغْيِيرُها، فكان حكْمُها أخْفَضَ من حكم التدبير، ولأن التدبير لا يدخله الِإقراع بوجْه والعتق يدخله. ألَّا تَرى أن المريضَ إذا اَعتَق عدَّة عبيده وليس له مالٌ غيرُهم فإنه يُقْرَع بينهم.

المسألة السابعة عشرة: لا يجوز لسيد المدَبَّرِ أن يبيعه ممن يعتقه، ويجوز له أن يأخذ مالاً من رجُل ويُعَجّل بعتقه، والعِتق في الموضعين موجود مع العِوَض.

فالجواب أن الْبيع في التدبير إنما لم يجُزْ لأنه قد ثبت للسيد عليه الولاء، ونقْلُ الوَلاءِ غيرُ جائز، وإذا أخذ مالاً من رجُلٍ وعجّل عتقه فهو لم ينقل الولاء، فجازَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>