والفرق بينهما أن الخل إذا طبخ زال اسمه وانتقل إلى إسم آخر، وهو مَرَقه، فلم يحنث، لأنه إنما أكل مرقه لا خلا، والسمن اسمه باق، إنما انضاف إلى غيره، وذلك لا ينقله عن اسمه، ألا ترى أنه يقال: سمن ملوث بسويق، ولا يقال ذلك في الخل، فافترقا.
المسألة الثالثة، إذا كرر اليمين بالله مرارًا على شيء واحد، فهي بمنزلة واحدة، إلا أن يريد التكرار، والطلاق على التكرار إلا أن يريد التأكيد، فلم كان ذلك؟
فالجواب أن كل طلقة لها حكم تختص به، لأن الواحدة لا توجب التحربم في المدخول بها. والاثنتان توجبان ضُعْف ملك الزوج لها، لأنها تبقى معه على واحدة. والثلاثة توجب التحريم إلا بعد زوج، فلم تنضم واحدة مع أخرى إلا للمعنى الذي اختص. به كل طلقة، فهي للتكرار، واليمين بالله موجب واحد لا يختلف، فكان تكرارها محمولا على ذلك الموجب لا يختلف إلا أن يراد غيره. وأيضًا فالطلاق غُلِّظ في أمره ما لم يغلظ في اليمين بالله تعالى، فجاز أن يلحقه التغليظ في هذا الوضع دون اليمين.
المسألة الرابعة، ابن القاسم: إذا حلف بعتق عبده فباعه عليه السلطان في دين، فمتى عاد إليه عادت عليه اليمين إلا أن يعود عليه بميراث، فلا شيء عليه، والمحلوف به قد عاد إليه في الجميع. فلم كان ذلك؟
فالجواب أن التفليس لتهمة تلحقه أن يكون أظهره ليبطل العتق، فلما اتهم عاد إليه اليمين إذا اشتراه، ولذلك لو باعه ثم اشتراه، التهمة تلحقه أن يكون باعه فيبطل عتقه، وليس كذلك إِذا عاد إليه بالميراث، اذ لا تهمة، فلم تعد اليمين عليه.