للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السامع ما في نفس المتكلم، فمتى دخل الاستثناء في المدلول التزاما دل ذلك على دخول النية قبله في المدلول الالتزامي (٧٦).

وبيان دخول الاستثناء في المدلول التزاما أو بطريق العَرض أشياء:

منها قوله تعالى: "لَتَاتُنَّنِي به إلا أن يحاط بكم". (٧٧) هذا استثناء من الأحوال العارضة أو اللازمة لمعنى الإتيان. والمعنى لتاتنني به في كل حال من الحالات إلا في حالةِ الاحاطة بكم فإني لا ألزمكم الإتيان به فيها لقيام العذر حينئذ.

ومنها: "ما ياتِيهِم من ذِكْر من رّبهم مُحْدثِ إلا استمعوةُ" (٧٨). والمعنَى لا ياتيهم في حالة من الحالات، والأحوال أمور خارجة عن المدلول المطابقي. وإذا كانت خارجة، فإن كانت الاحوال لَازِمةً فقد دخلت النية في المدلول التزاما. وإن كانت عارضة فقد دخلت النية في العوارض، وإذا دخلت في العوارض دخلت في اللوازم بطريق الأولى ولا بد (٧٩)، وهذه الادلة ترد ما قالوه أولا من دليل الاستقراء، فصح ما قالته المالكية، والله أعلم.

ومما يكتفى فيه بالنية أيضا تعميم المطلَقات، وصُورَتُهُ أن يقول:

والله لأكرمن أخاك، وينوي بذلك جميع اخوتك، فإن قوله: "أخاك"، مطلق، فإذا أراد جميع الإخوة فقد عمم المطلق (٨٠)، ومثله قوله تعالى:


(٧٦) علق الفقيه ابن الشاط على هذه الحجج والوجوه الثلاثة عند المالكية والشافعية بقوله: هذه الوجوه الثلاثة صحيحة جيدة.
(٧٧) سورة يوسف: الآية ٦٦.
(٧٨) سورة الانبياء: الآية ٢.
(٧٩) فإن العارض أبعَدُ عن مدلول اللفظ مطابقة من اللازِم ضرورة كما قال القرافي:
(٨٠) قال ابن الشاط، ليس ما قاله القرافي هنا بصحيح، فإن أخاك معرفة، وليست المعرفة مطلقة في عرف الاصوليين، وانما المطلق في عرفهم النكرة في سياق الإثبات، فكان حقه أن يقول: والله لأكرمن أخًا لَكَ وما أشبه ذلك ... الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>