ومنْ صِيَغهِ الألف واللام إذا أريدَ بها الاستفراق دون العهد ودخلت على الاسم، فإنها تفيد العموم فيما دخلت عليه، سواء اكان جمعا، مثل {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} أو كان مفردًا، مثل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. وقد رأيت أن أنقل هذا التعريف، وأورده هنا بقصد التذكير به، والبيان للقاعدة، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصرره، والمصطلحات الأصولية والمنطقية والبلاغية والنحوية، وغيرها من مصطحات العلوم وقواعدها قد تغيب أحيانًا عن بعض الأذهان إذا لم يقع التعهد لها والتمرس بها بين الحين والآخر، فإن العلم يحصل ويرسخ بذلك، ويزداد بالعطاء والانفاق منه كما يقول العلماء. (٦) سورة المزمل، الآية ١٦. وأولها: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا}: الآيتان: ١٥، ١٦. فالعهد هنا بال ذكرى، في مقابلة العهد الذهني، والحضوري. ذلك أن كلمة رسول سبق ذكرها نكرة وأعيدت معرفة بأل، فهي نفس الأولى وعينها، كما تقول القاعدة النحوية المقررة، والتسمية نظمها بعضهم في بيتين فقال: ثمَّ من القواعدِ المشتهرة ... إذا أتتْ نكرة مكرَّرة تخالَفا، وأن يُعَرَّفْ ثانٍ ... توَافَقَا كَذا المعَرّفان (٧) أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم، وبعض أصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه، ونصه بتمامِه: إذا ولغ الكلبُ في إناء أحدكم فَلْيُرقْه، ثم ليغسلهُ سبعًا، أُولاهن، أو إحداهن، أو السابعة بالتراب .. على اختلاف في روايات هذا الحديث الصحيح المتفق عليه.