و (إذا) ظرفُ زمانٍ كـ (متى) في الدلالةِ على الأوقاتِ، ألاَ ترَى لو قال قائلٌ: متى ألقاكَ؟ حَسُنَ أن يقولَ: إذا شِئْتَ، كما يحسَنُ: متى شِئْتَ، ولا يحسَنُ إِنْ شِئْتَ، فقولهُ: إنْ لم أَدْخُلِ الدارَ! معناهُ: إنْ فَاتَني دُخُولُهَا، وفواتهُ بالموتِ، وقوله: إذا لم أدْخُلِ الدارَ، معناهُ: أيَّ وقتٍ فاتَني دُخُولُهَا، وهذا هو المنصوصُ في الصُّوْرَتَيْنِ، والطريقُ الثاني: قولان، نقلاً وتخريجاً أحدُهما: يقتضيان الفورَ، كما لو علَّقَ بهما الطلاقَ على مالٍ، وثانيهما: لا؛ بل للتراخي؛ لأنَّ (إذا) تستعمل في الشرط فيقالُ: إذا رأيتَ كذا فافعَلْ كذا، فكانت كـ (إن)، و (إن) للتراخي وكذا (إذا).
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي بِفَتْحِ أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ، أي فعلَتْ أو لم تفعَلْ؛ لأنَّ (أنْ) للتعليلِ دون التعليق، وقولُ القائلِ:(أنْ) كان كذا أي (لأنْ) كان كذا وتحذَفُ اللامُ مع (أنْ) كثيراً قال تعالى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}(٤٢) فكأنهُ طلَّقَها وعلَّلَ بأنهُ لم يطلَّقْها، قُلْتُ: إِلاَّ فِي غَيْرِ نَحْوِيِّ فَتَعْلِيْقٌ فِي الأَصَحِّ، وَالله أَعْلَمُ، لأنَّ الظاهرَ أنهُ يقصِدُهُ، فَتُحْمَلُ عليهِ، وهو لا يعرِفُ المفتوحَةَ من المكسورَةِ، قال في الروضة: وهذا أصحُّ وبه قطعَ الأكثرونَ، والثاني: أنهُ يُحْكَمُ بوقوعِ الطلاقِ في الحالِ، لأنَّ هذا يقتضي اللفظَ فلا يعتبرُ من غيرِ قصدٍ، إلاّ أنْ يكونَ الرجُلُ مِمَّنْ لا يعرِفُ اللغةَ، وقال: قصدْتُ التعليقَ فيصدَّقُ بيمينهِ، قال الرافعي في شرحَيْهِ: وهذا أشبهُ وإلى ترجيحِهِ ذهبَ ابنُ الصباغِ وهر المذكورُ في التَّتِمَّةِ.
فَصْلٌ: عَلَّقَ بِحَمْلٍ، فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ ظَاهِرٌ وَقَعَ، أي في الحالِ لوجودِ الشرطِ والعلمِ بوجودِهِ، وَإِلاَّ فَإنْ وَلَدَتْ لِدُوْنِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ التَّعْلِيْقَ بَان وُقُوعُهُ، لأنها كانَت حامِلاً حينئذٍ، أَوْ لأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنْيِنَ أَوْ بَيْنَهُمَا وَوُطِئَت وَأَمْكَنَ حُدُوْثُهُ بِهِ فَلاَ، لأنَّ الأصلَ بقاءُ النكاحِ لاحتمالِ حدوثهِ من الوطْئِ ظاهراً، وَإِلاَّ، أيْ وإنْ لم يطأْهَا بعد التعليق أو وطِئَها وكان بين الوطْىِء والوضعِ دونَ ستَّةِ أشهرٍ، فَالأصَحُّ