الحيضِ، والبقية مما دفعتْهُ الطبيعةُ، والثاني: لا يكونُ بدعيًّا، لأنَّ هيئةَ الحيضِ تُشْعِرُ بالبراءَةِ، وَيَحِلُّ خُلْعُهَا، لمخالعَتها في الحيضِ، وَطَلاَقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا، لانتفاءِ الندمِ حينئذٍ.
تَنْبِيْهٌ: لو كانت لهُ امرأتان، قَسَمَ لإحداهُما، ثم طَلَقَّ الأُخرى قبلَ أنْ يُوَفِّيَهَا حقَّها أَثِمَ، وهذا سببٌ آخرٌ لكون الطلاق بدعيًّا.
فَرْعٌ: لو علَّقَ على صفةٍ توجدُ في حالِ الطُّهْرِ فَسُنّيٌّ، وإلاّ فَبِدْعِيٌّ يقتضي استحبابَ المراجعةِ دونَ الإِثْمِ، وقيلَ: يكونُ مكروهاً؛ أعني التطليقَ، قال الرافعيُّ: ويمكنُ أنْ يقال: إذا تعلقَتِ الصفةُ باختيارهِ أَثِمَ أو باختيارِها فَكَسُؤَالِهَا.
وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلْقَ بَعْدَ طُهْرِ، لحديث ابن عمرَ الشهير في الصحيح (٤٠)، قال الماورديُّ: وأَطْلَقَ الشافعيُّ الزمانَ الذي تُستحبُّ فيه المراجعةُ وهو مخصوصٌ ببقية تِلْكَ الحيضةِ، فإن مضَتْ ولم يراجِعِ ارتفعَ الخطابُ بها، وكذا إذا طَلِّقَهَا في طُهْرٍ جامَعَها فيهِ فهو بقيَّةُ الطُّهْرِ والحيضةُ الى تليهِ حتى تنقضي، فإذا لم يفعلِ انقضَى ذلك وارتفعَ أيضاً.
خَاتِمَةٌ: الآيِسَةُ والصغيرةُ والتي ظَهَرَ حَمْلُها وغيرُ الْمَمْسُوْسَةِ لا بدعةَ في طلاقِهِنَّ ولا سُنّةَ، إذ ليس فيه تطويلُ العِدَّةِ ولا نَدَمٌ بسببِ ولدٍ.
وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، لاِتّصَالِ طلاقِها بالبدعةِ، أوْ لِلسُّنَةِ فَحِيْنَ تَطْهُرُ، أي ولا يتوقفُ على الاغتسالِ لوجودِ الصفة قَبْلَهُ، أَوْ لِمَنْ
(٤٠) عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما؛ أَنّهُ طَلّقَ امْرَأتَهُ وَهِىَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيْضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ؛ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ؛ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الْتِى أَمَرَ الله أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النَّسَاءُ] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الطلاق: باب (١): الحديث (٥٢٥١). ومسلم في الصحيح: كتاب الطلاق: الحديث (١/ ١٤٧١).