للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ مُسَّتْ فِيْهِ فَحِيْنَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ، لوجودِ الصفةِ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ فَفِي الْحَالِ إِنْ مُسَّتْ فِيْهِ وَإِلاَّ فَحِيْنَ تَحِيْضُ، لما قلناهُ، قال في التتمةِ: وَيُحْكَمُ بوقوعِ الطلاقِ بظهورِ أَوَّلِ الدَّمِ، فإنِ انقطعَ لِدُونِ يومٍ وليلةٍ بَانَ أنَّها لم تُطَلَّقْ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَة أَوْ أَحْسَنَ الطَّلاَقِ أَوْ أَجْمَلَهُ فَكَالسُّنَّةِ، لأنهُ المُتَّصِفُ بهذه الصفاتِ، اللهُمَّ إلاّ أنْ ينوِيَ ما فيه تغليظٌ عليهِ بأنْ يكونَ في حالِ البدعةِ وأرادَ الوقوعَ في الحالِ ووصفَهُ بالْحَسَنِ لسوءِ عِشْرَتِهَا وخُلُقِهَا، أَوْ طَلْقَةً قَبيْحَةٌ أَوْ أَقْبَحَ الطَّلاَقِ أَوْ أَفْحَشَهُ فَكَالْبدْعَةِ، لأنهُ الْمُتَّصِفُ بهذه الصفاتِ، اللَّهُمَّ إلَّا إنْ ينوِيَ ما فيه من تغليظٍ عليه بأنْ يَكونَ في حالِ السُّنَّة وأرادَ به الوقوعَ في الحالِ، ووصفَهُ بالْقُبْحِ، لأنَّ طلاقَ مثلِها مُستقبَحٌ لِحُسْنِ خُلُقِهَا وعِشْرَتِهَا، أَوْ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةَ أَوْ حَسَنَةً قَبِيْحَةً، أيْ والمخاطبةُ ذات إِقراءٍ، وَقَعَ فِي الْحَالِ، لأنهُ وصَفَ الطلاقَ بصفتين متضادَّتَين فيلغُو الوصفانِ ويبقَى أصلُ الطلاقِ، قال السرخسيُّ في الأمَالِي: فإنْ فسَّرَ كُلَّ صفةٍ بمعنَى فقالَ: أردتُ كونَها حسنةً من حيثُ الوقتُ، وقبيحةً من حيثُ العدَدُ حتى تقعَ الثلاثُ أو بالعكسِ قُبِلَ منهُ، وإنْ تأخَّرَ الوقوعُ لأنَّ ضررَ وقوعِ العددِ أكثرَ من فائدةِ تأخيرِ الوُقُوعِ.

وَلاَ يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ، لأنَّ الْمُلاَعِنَ طَلَّقَ ثلاثاً ولم يُنْكِرْ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَنْزَجِرَ مَن بَعْدَهُ (٤١).


(٤١) عن سَهْلٍ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ؛ (أَنَّ عُوَيْمِراً الْعَجَلانِىِّ، أَقْبَلَ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرأتِهِ رَجُلاً! أيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؛ أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [قَدْ أنْزَلَ الله فِيْكَ وَفِي حَاجَتِكَ؛ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا] قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاَعَنَا، وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا. قَالَ عُوَيْمِرُ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أمْسَكْتُهَا. فَطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنينَ). رواه البخارى في الصحيح: كتاب الطلاق: باب اللعان، ومن طلق بعد اللعان: الحديث (٥٣٠٨). ومسلم في الصحيح:

<<  <  ج: ص:  >  >>