للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرفوعاً: [مَنْ أَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثنياؤه] (٣٦)، وأمَّا في الثانيةِ: فلأنَّ عدم المشيئَةِ غيرُ معلومٍ كما أنَّ المشيئَةَ غيرُ معلومةٍ، ولأنَّ الوقوعَ بخلافِ مشيئةِ اللهِ تعالى مُحَالٌ، فأشبهَ ما إذا قالَ: أنتِ طالقٌ إنْ جَمَعْتِ بينَ السَّوَادِ والبَيَاضِ؛ فإنهُ لا يقعُ، واحترزَ بقولهِ: (وَقَصَدَ التَّعْلِيْقَ) عمَّا إذا قصدَ التَّبَرُّكَ بذكْرِ اللهِ تعالى فإنهُ يقعُ، وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ تَعْلِيْقٍ، أي كقوله: أنتِ طالقُ إنْ دخلْتِ الدارَ إنْ شاءَ الله، وَعتْقٍ، أي كقولهِ: أنْتَ حُرٌّ إنْ شاءَ الله، وَيَمْينٍ وَنَذْرٍ وَكُلِّ تَصَرُّف، أي كالبيعِ وغيرهِ من التَّصَرُّفَاتِ لما قَرَّرْنَاهُ.

فَرْعٌ: هلِ انْعَقَدَتِ الْيَمِيْنُ ولكن لا يحكمُ بالحَنْثِ للشَّكِّ في المشيئةِ؟ أو ليست مُنْعَقِدَةً أصلاً؟ جزمَ الرويانيُّ بالأوَّلِ والبغويُّ بالثانِي.

وَلَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَعَ فِي الأصَحِّ، أي ويلغُو الاستثناءُ، لأنهُ إنَّمَا يَعْمَلُ فِي الأفْعَالِ دُوْنَ الأسْمَاءِ، ألا ترَى أنهُ لا ينتظِمُ أنْ يقالَ: يا أسودَ إنْ شاءَ اللهُ، والثانى: لا يقعُ، لأنهُ إنشاءٌ في المعنَى كقولهِ: طَلَّقْتُكِ أو أنتِ طالقٌ، ويرجعُ حاصلُ الخلافِ إلى أنّا هلْ نُراعى الوضْعَ في الاستثناءِ أو نُراعِي المعنَى المرادِ ونُقِيْمُهُ مُقَامَ الموضُوعِ؟

أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِق إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ تَعَالَى فَلاَ فِي الأَصَحِّ، لأنَّ هذهِ الصيغةَ أيضاً تعليقٌ بعدمِ المشيئةِ، لأنها توجِبُ حصرَ الوقوعِ في حالِ عدمِ المشيئَةِ، وهذا ما حكاهُ القفَّالُ عن النصِّ، والثاني: نَعَمْ، لأنهُ أوْقَعَ الطلاقَ وجعلَ الْمَخْرَجَ عنهُ المشيئةُ وأنها غيرُ معلومةٍ فلا يحصلُ الخلاصُ، وصارَ كما لو قالَ: أنتِ طالقٌ إلاّ إنْ يَشَأْ زيدَّ فماتَ زيدٌ ولم تُعْلَمْ مشيئتُهُ فإنهُ يقعُ الطلاقُ.

فَرْعٌ: لو قالَ: أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ أو أنْ شَاءَ اللهُ بفتح الهمزة (أنْ) فإنهُ يقعُ


(٣٦) في نصب الراية لأحاديث الهداية: كتاب الطلاق: فصل في الاستثناء: ج ٣ ص ٢٣٤؛ قال الزيلعي: قلت: غريب بهذا اللفظ. في تلخيص الحبير: كتاب الطلاق: ج ٣ ص ٢٤٠؛ قال ابن حجر: أخرجه أبو موسى المديني في ذيل الصحابة من حديث معدي كرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>