للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكونهِ مستغرقاً، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةٌ إِلاَّ وَاحِدَةً فَثَلاَثٌ، نظراً إلى التفريقِ، وَقِيْلَ: ثِنْتَانِ، نظراً إلى الجمعِ، وَهُوَ مِنْ نَفْيٍ إِثْبَاتٌ، بالاتفاقِ، وَعَكْسُهُ، خلافاً لأبي حنيفة، فَلَوْ قَالَ: ثَلاَثاً إِلَّا ثِنْتَيْنِ إِلاَّ طَلْقَةً فَثِنْتَانِ، لأنَّ المعنَى ثلاثاً يقعُ إلاّ ثِنْتَيْنِ لا يقعانِ إلاّ واحدةً تقعُ من الاثنتين فَتُضَمُّ إلى الباقيَةِ من الثلاثِ فيقعانِ، أَوْ ثَلاَثاً إلاَّ ثَلاَثاً إِلاَّ اثْنَتَيْنِ فَثِنْتَانِ، لأنهُ لَمَّا عَقَّبَ الاستثناءَ بالاستثناءِ خَرَجَ الأوَّلُ عن أنْ يكونَ مستغرقاً، وكان ذلكَ الاستثناءُ استثناءَ ثلاثٍ إلاّ اثنتينِ من ثلاثِ، وثلاثٌ إلاّ اثنتينِ واحدةٌ، فكأنهُ قالَ: ثلاثاً إلاّ واحدةً، قِيْلَ: ثَلاَثٌ، لأنَّ الاستثناءَ الأوَّلَ مستغرقٌ لاغٍ، والثاني مرتْبٌ على ما هو لغوٌ فيلغو أيضاً، وَقِيْلَ: طَلْقَةٌ، لأنَّ الاستثناءَ الأولَ فاسدٌ لاستغراقهِ فيصرَفُ الاستثناءُ الثاني إلى أوَّلِ الكلامِ، ويصيرُ كأنهُ قال: أنتِ طالقٌ إلاّ ثلاثاً إلاّ ثْنَتيْنِ، أَوْ خَمْساَ إِلَّا ثَلاثًا فَثِنْتَانِ، لأنَّ الاستثناءَ لفظيٌّ فتوجَّبَ فيهِ موجَبَ اللفظِ، وَقِيْلَ: ثَلاَثٌ، لأنَّ الزيادةَ على الثلاثِ لغوٌ، لأنهُ لا سبيلَ إلى إيقاعِها فلا عِبْرَةَ بذكْرِها، وإذا كان كذلكَ كانَ الاستثناءُ مستغرقاً فيلغُر، أَوْ ثَلاَثاً إِلَّا نِصْفَ طَلْقَةِ فَثَلاَثٌ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأنَّهُ لغَى نصفَ طلقةٍ فتكملُ، والثاني: يقعُ ثِنْتَانِ ويجعلُ استثناءَ النصفِ كاستثناءِ الكُلِّ، والصحيحُ الأولُ؛ لأنَّ التكميلَ إنما يكونُ في طرفِ الإيقاع تغليباً للتحريمِ.

فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَوْ إِنْ لَمْ يَشَإِ اللهُ، وَقَصَدَ {التَّعْلِيقَ} لَمْ يَقَعْ، أمَّا في الأُوْلى: فلقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: {مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ الله فَقَدِ اسْتَثْنَى} حسَّنَهُ الترمذيُّ، وقال الحاكم: صحيحُ الإسنادِ (٣٥)، وهذا عامٌّ في الطَّلاَقِ والأَيْمَانِ، وفي معرفةِ الصحابةِ لأبي موسَى الأصبهاني من رواية معدي كرب


(٣٥) الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ الله، فَقَدِ اسْتَثْنَى، فَلاَ حَنْثَ عَلَيْه]. رواه الترمذى في الجامع: كتاب النذور: باب ما جاء في الاستثناء في اليمين: الحديث (١٥٣١)، وقال: حديث ابن عمر حديث حسن. والحاكم في المستدرك: كتاب الأيمان: الحديث (٧٨٣٢/ ٣٣)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>