للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللفظِ يقتضي الشركةَ، والثاني: يُقْبَلُ، لأنهُ إذا كانَتِ الطلقةُ بينهُنَّ كانَ الطلاقُ بينهُنَّ، قالَ الإمامُ والبغويُّ: والخلافُ مخصوصٌ بَيْنَكُنَّ، أما قولهُ عَلَيْكُنَّ، فلا يقبلُ تفسيرهُ هذا قطعاً بل يَعُمُّهُنَّ، وفيه بحثٌ للرافعيِّ، وإذا قلنا: لا يُقبلُ في بَيْنَكُنَّ فذاكَ إذا أخرجَ بعضهُنَّ عن الطلاقِ وعطَّلَ بعضَ الطلاقِ، فأمَّا إذا فضَّلَ بعضَهُنَّ كقولهِ: أوقعتُ بينكُنَّ ثلاثَ طلقاتٍ، ثم قال: أردتُ طلقتين على هذهِ وتوزيعُ الثلاثِ على الباقِيَات فَيُقْبَلُ في الأصحِّ المنصوصِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى: أشْرَكْتُكِ مَعَهَا أَوْ أَنْتِ كَهِيَ فَإِنْ نَوَى طُلِّقَتْ، لأنهُ كنايةُّ، وَإِلاَّ فَلاَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِاْمْرَأتِهِ، لما قلناهُ.

فَصْلٌ: يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ، لأنهُ في الكلامِ معهودٌ، وفي الْقُرْآنِ والسُّنَّة موجودٌ، بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ، أي بإجماعِ أهلِ اللُّغةِ فإنِ انفصَلَ فهو لغوٌ، وَلاَ يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ، لأنَّ ذلك لا يُشْعِرُ بالانفصالِ، ويعدُّ في العادةِ مُتَّصِلاً، قال الإمامُ: والاتصالُ المشروطُ هنا أبلَغُ مما يشترطُ بينَ الإيجابِ والقَبُولِ، لأنهُ يحتملُ بين كلامِ الشخصينِ ما لا يحتملُ بين كلامِ شخصٍ واحدٍ ولذلك لا ينقطعُ الإيجابُ والقبولُ بتخلُّلِ كلامٍ يسيرٍ في الأصحِّ، وينقطعُ الاستثناءُ. بذلكَ على الصحيحِ، وقد قدَّمْنَا في البيعِ أنَّ تخلُّلَ الكلامِ يبطل، قُلْتُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الاِسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الأَصَحِّ، واللهُ أَعْلَمُ، أي وإنْ لم يقارِنْ أوَّلَها؛ وهذا الأصحُّ لم يذكرُهُ الرافعىُّ. بل ذكَرَ أنهُ هل يشترطُ أنْ يَقْرُنَ قصدَ الاستثناءِ بأوَّلِ اللفظِ، فيه وجهان أحدُهما: لا، فلهُ أنْ يَسْتَثْنِيَ بعد تمامِ الْمُسْتَثْنَى، وأصحُّهما: نَعَمْ؛ لأنَّ الاستثناءَ حينئذٍ مُنْشَأٌ بعدَ وقوعِ الطلاقِ فيلغُو، وهذا ما ادَّعَى أبو بكرٍ الفارسيِّ الإجماعَ عليه، والمسألةُ مبسوطةُّ في الأصلِ فَرَاجِعْهَا.

وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ، أي فالمستغرقُ باطلٌ بالإجماع إلاّ ما شَذَّ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إلَّا ثْنَتيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، نظراً إلى التفريقِ، ويقعُ طلقةً ويعملُ الاستثناءُ من الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أي الطَّلْقَتَيْنِ، وَقِيْلَ: ثَلاَثٌ، نظراً إلى الجمعِ، ويوقعُ الثلاثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>